إيران: السيادة تحت الحصار

إيران لا تُشبه النماذج التقليدية للفقر في العالم الثالث. فهي ليست دولة منهوبة عبر الخصخصة، ولا واقعة تحت وصاية صندوق النقد، ولا مستباحة الموارد من شركات غربية. ومع ذلك، يعاني شعبها من أزمات معيشية خانقة، وتضخم مزمِن، وانهيار في القدرة الشرائية.

ما يضع إيران في موقع استثنائي هو امتلاكها لقرارها السيادي من جهة، وتحوّل هذا القرار إلى عبء اقتصادي بفعل تداخله مع طموحات جيوسياسية مكلفة. إنها حالة معقّدة، حيث الفقر لا يُفرض من الخارج فقط، بل يُنتَج من الداخل أيضًا، عبر تحالف بين العقوبات وسوء الإدارة.


إيران حالة شائكة في خريطة الفقر العالمي. فهي ليست مستعمرة اقتصادية، ولا تابعة لصندوق النقد، ولا خاضعة لاتفاقيات بيع موارد. لكنها رغم ذلك تعاني أزمة اقتصادية خانقة، جعلت شعبها يرزح تحت التفقير المزمن.


من يصنع الفقر؟

تحتفظ إيران بقرارها السيادي إلى حد بعيد، وهي تملك مؤسسات عسكرية واقتصادية قوية، وتدير مواردها بيدها. لكنها تواجه حصارًا اقتصاديًا دوليًا بسبب طموحاتها النووية، ما جعل اقتصادها يختنق تدريجيًا.

ومع أن الحصار خارجي، فإن الطريقة التي أدارت بها السلطة هذا الحصار، زادت الوضع سوءًا.


اقتصاد مقاوم أم اقتصاد منهك؟

طرحت طهران فكرة "الاقتصاد المقاوم"، لكنها في الواقع رسّخت الاحتكار الداخلي، حيث تمكّنت الحرس الثوري من مفاصل الاقتصاد.

النتيجة: تضخّم، بطالة، انهيار للعملة، وتهريب للثروات. لم تُفرض الخصخصة من الخارج، لكن الفساد المحلي قام بالمهمة.


العقوبات: سبب أم شماعة؟

العقوبات الأمريكية والأوروبية حقيقية ومؤثرة. لكنها ليست كل القصة. فشل الإدارة، وتغوّل الاقتصاد الموازي، وتهميش القطاع الخاص، كلها عوامل داخلية صنعت أزمة مركّبة.

ولهذا فإن التفقير في إيران ليس مخططًا خارجيًا صرفًا، بل نتيجة تفاعل بين حصار خارجي وسوء إدارة داخلي.


إيران خارج النموذج الكولونيالي

لا شركات تنقيب أجنبية، لا قواعد عسكرية، لا قروض مشروطة. إيران ليست دولة محتلة اقتصاديًا، بل هي دولة صاحبة مشروع، لكنها تدفع ثمن اختياراتها السياسية.

ولهذا فهي لا تُدرج ضمن الدول المُفقَرة تحت الاستعمار، بل في خانة الدول التي فقّرت نفسها جزئيًا بسوء التقدير، وجزئيًا بضغط خارجي.

أحدث أقدم
🏠