مصر: بين المشاريع العملاقة والفقر الجماعي

تبدو مصر في الخطاب الرسمي كأنها تنهض من ركام الماضي نحو مستقبل زاهر: عاصمة إدارية تلمع في الصحراء، وجسور تُشيَّد كل يوم، ومشاريع عملاقة تُعلن باستمرار. لكن خلف هذا الاستعراض المكسو بالإسمنت والدَّين، يئنّ واقع اجتماعي موجوع. الفقر يتسع، والطبقة الوسطى تتآكل، فيما تتزايد تبعية القرار الاقتصادي لصندوق النقد وشروطه القاسية. 
تُدار الدولة بمنطق العسكر، ويُسحق الاقتصاد الحرّ لصالح احتكارات مغلقة. أما الأصوات الجائعة، فمكانها السجون. إنها تنمية تُبنى على أنقاض الإنسان، ومشاريع تُعرض على الشاشات، لا في حياة الناس.

تُروّج السلطة المصرية لإنجازات ضخمة: عاصمة إدارية جديدة، شبكة طرق عملاقة، مشاريع سكنية وعسكرية. لكن خلف هذه الواجهة، يعيش ملايين المصريين في فقر متزايد، وسط أزمة اقتصادية خانقة، وتبعية غير مسبوقة.

مشاريع للعرض

تُبنى مشاريع ضخمة لا تخدم أولويات المواطن، بل تُستخدم كأدوات دعائية. وتُموَّل هذه المشاريع بديون ضخمة، ما يضاعف العبء على الأجيال القادمة.

فالعاصمة الجديدة ليست حلًا لأزمة الإسكان، بل ملاذًا للطبقة الحاكمة.


صندوق النقد: الحاكم الفعلي

منذ 2016، تخضع مصر لبرنامج صندوق النقد: تعويم الجنيه، رفع الدعم، تقشف قاسٍ، خصخصة متسارعة. ورغم وعود "الإصلاح"، تفاقمت الأزمة.

فالفقراء ازدادوا فقرًا، والطبقة الوسطى انكمشت، والدين العام بلغ مستويات قياسية.


عسكرة الاقتصاد

الجيش يُسيطر على قطاعات واسعة من الاقتصاد، من الإسمنت إلى المكرونة. ولا تخضع هذه الشركات للرقابة أو الضرائب، مما يقتل القطاع الخاص، ويعزز الاحتكار.

وهكذا تُدار الدولة بمنطق الثكنة، لا السوق.


قمع الجوع

كلما اشتد الضغط، زاد القمع. فلا يُسمح بأي معارضة حقيقية، ولا يُفتح المجال لمساءلة اقتصادية. الجوع ممنوع من التعبير، والاحتجاج يُواجه بالسجن.

إنها دولة تخنق شعبها تحت يافطة "التنمية".


أحدث أقدم
🏠