الوهابية: التديّن الرسمي.. حين يصبح الدين خادمًا للنظام

الوهابية والتحالف االديني السياسي: 
في لحظة ما من التاريخ، تحوّل الدين من ضمير يقاوم الظلم إلى جهاز ناطق باسم السلطة. لم تعد المنابر تهزّ عروش الجبابرة، بل صارت تُمجّدهم. هكذا نشأ "التديّن الرسمي": نسخة مُعدَّلة من الدين، بلا أنياب ولا أسئلة، لا تجرؤ على الاقتراب من خطوط السياسة الحمراء.


تعريف التديّن الرسمي

هو التديّن الذي تصوغه السلطة وتروّج له عبر مؤسساتها، ليكون:

  • مطيعًا مطلقًا: لا يُعارض وليّ الأمر ولو ظلم أو فرّط.
  • مُفرغًا من البُعد الثوري: لا يتحدث عن العدالة، ولا عن تحرير الإنسان، بل يكتفي بالدعوة إلى الصبر والطاعة.
  • وظيفيًا: يُستخدم لتبرير القرارات السياسية، سواء كانت تطبيعًا، قمعًا، أو خصخصة لمقدسات الأمة.

كيف يُصنع التديّن الرسمي؟

  • إعادة تأويل النصوص: تُقتطع من سياقها لتخدم الطاعة العمياء.
  • إقصاء العلماء المستقلين: لا صوت في الساحة إلا من رضي بخريطة المسموح والممنوع.
  • تحويل المؤسسات الدينية إلى أدوات إدارية: لا تصدر فتوى إلا بموافقة، ولا تُنشر إلا بعد مراجعة سياسية.

النتائج الكارثية للتديّن الرسمي

  • فقدان المصداقية: حين يرى الناس الدين يُستخدم لتبرير الاستبداد، ينفرون منه لا من السلطة.
  • صعود التديّن المتطرّف: كلما تمّ تشويه الدين الرسمي، كلما نشأ رد فعل مقابل ينزلق نحو الغلو.
  • تجميد الإصلاح: ما دام الدين يُستخدم كذريعة لبقاء الظلم، فلن تُطرح الأسئلة الإصلاحية الكبرى.

نماذج معاصرة

  • دعم "هيئة كبار العلماء" للحروب الظالمة تحت غطاء الولاء.
  • تبرير التطبيع مع الاحتلال بوصفه "مصلحة شرعية".
  • منع خطب الجمعة من تناول الشأن العام، بل وحصرها في الطاعة، والطقوس، والتنمية الاقتصادية.

هل الدين هو المشكلة؟ أم من يحتكره؟

الدين في جوهره رسالة تحرير للإنسان من الطغيان، لكنه حين يُختطف ويُحوّل إلى ديكور للسلطة، يُصبح أداة تخدير.
المشكلة ليست في النص، بل في من يتحدث باسمه، ومن يُملي عليه ما يقول.

كيف نعيد للدين حريته؟

  • بفصل المؤسسات الدينية عن الوصاية السياسية
  • بإعادة الاعتبار للعلماء المستقلين
  • وبنشر الوعي الديني الناقد، الذي يُفرّق بين الدين كحق، والتديّن الرسمي كأداة.


أحدث أقدم
🏠