
أولًا: كيف تصنع سلطة صورة المقاوم؟
النظام الذي يخشى الثورة لا يحاربها علنًا فقط، بل يُقلّدها! فيتقمص رموزها، ويُفرغها من مضامينها، ثم يُعيد تسويقها. فتُقام مهرجانات "التحرير"، وتُرفع صور الأبطال، ويُعاد إنتاج الخطاب الثوري في قوالب احتفالية خالية من الفعل.
وهكذا تُحقن الشعوب بجرعة وهمٍ تُسكّن توقها للحرية.
ثانيًا: توظيف القضية لا خدمتها
تُستخدم القضايا الكبرى كفلسطين أو مقاومة الإمبريالية كغطاء شرعي لبقاء الأنظمة. فيُخوَّن المعارض بأنه "يخدم العدو"، ويُمنع النقد بحجة "الظروف الاستثنائية". وهكذا تتحول المقاومة من فعل تحرري إلى ذريعة للبقاء في الحكم، بل أحيانًا إلى سلعة سياسية تُباع وتُشترى حسب الحاجة.
ثالثًا: افتعال المعارك الوهمية
حين تغيب معارك التحرر الحقيقية، تُخترع بدائل وهمية: عدو داخلي مفترض، "مؤامرة كونية"، تهويل تهديد خارجي... كل ذلك يبرر القمع، ويعيد تشكيل المشهد بحيث يبدو النظام في موقع "المحارب الصامد"، رغم أنه في الحقيقة لا يقاتل إلا شعبه.
رابعًا: احتكار الخطاب المقاوم
السلطة تُحاول أن تكون المصدر الوحيد لتعريف "المقاومة". فمن خالفها ليس مقاومًا، بل مشاغب أو عميل. ومن لا يلتزم بخطها ليس وطنيًا. وهكذا تحتكر تعريف النضال، وتلغي التعدد، وتُجرّم التفكير خارج قوالبها.
خامسًا: الشعوب بين الحيرة والانخداع
الناس البسطاء، حين يرون السلطة تتحدث باسم المقاومة، قد تلتبس عليهم الأمور. فكيف تميز بين مقاومة حقيقية وأخرى زائفة؟ الجواب في النتائج: المقاومة الحقيقية تُكلف، تُزعج، تُحاصر. أما المزيفة، فتُمنح جوائز، وتُعرض في التلفاز، وتُستخدم لتبرير الفساد.
خاتمة: الصمت ليس خيارًا
تفكيك خطاب "المقاومة المزيفة" ضرورة، لأن تركه بلا مساءلة يُحوّل الباطل إلى شرعية، ويُحبط الثورات الحقيقية. ولكي نُحرر الوعي، علينا أن نُعرّي تلك الوجوه التي ترتدي قناع الثوار، بينما تسحق الشعوب باسم "الكرامة".