
أولًا: من أطلق المصطلح ولماذا؟
ظهر المفهوم بوضوح في خطابات المسؤولين الأمريكيين في بدايات غزو العراق، وأشهر من تحدثت عنه كانت كوندوليزا رايس التي وصفت ما يحدث في الشرق الأوسط بأنه "مخاض عسير يولّد شرقًا أوسطًا جديدًا". الفوضى هنا لم تكن خطأ، بل أداة مقصودة لإعادة توزيع القوى والخرائط.
ثانيًا: كيف تُخلق الفوضى؟
يبدأ السيناريو عادة بـ"شرارة": اغتيال، فتنة طائفية، احتجاج اجتماعي حقيقي يُركب عليه، أو أزمة أمنية. ثم يُضخّ السلاح، وتُضرب مؤسسات الدولة، ويُدفع الجميع إلى حروب استنزاف. بعدها يُعرض "الحل الخارجي" الذي يبدو كمنقذ، بينما هو في الحقيقة المهندس.
ثالثًا: من يربح من الفوضى؟
الفوضى لا تُطلق إلا حين تكون مفيدة لطرفٍ ما. القوى الكبرى تربح من تفكك الدول المنافسة، وتُبرر التدخل باسم "الاستقرار". الشركات تربح من إعادة الإعمار والنهب. والكيانات الوظيفية تنشأ في المساحات الفارغة. أما الشعوب؟ فهي الخاسر الأكبر.
رابعًا: الإعلام كأداة فوضى
الفوضى الخلاقة لا تكتمل إلا بخطاب موجه. يُصوَّر الخراب على أنه ضرورة انتقالية، والثوار المزيفون على أنهم رموز تحرر. تُطمس الحقائق، وتُغرق الساحة بالمحللين الذين يبررون الخراب كضريبة للحرية، بينما الخطة تسير في الخلف بهدوء.
خامسًا: خرائط جديدة على رماد الدول
بعد الفوضى، تُقسم الدول، تُغيّر دساتيرها، وتُستبدل نخبها. تُختلق كيانات، وتُسحب الجيوش، ويُعاد تشكيل الواقع بما يناسب مصالح الخارج. إن ما يحدث ليس صدفة، بل هو مشروع طويل النفس، اسمه الحقيقي: تفكيك ثم إعادة بناء تابع.
خاتمة: هل ننجو من الفوضى؟
النجاة من الفوضى تبدأ بالوعي بأنها ليست عشوائية. حين تفهم أن النار ليست نتيجة إهمال، بل نتيجة تخطيط، ستبحث عن المخطط لا عن الحريق فقط. والفوضى الخلاقة ليست قدَرًا، بل خدعة... والمطلوب أن نُحبط السيناريو، لا أن نؤديه ببراعة.