الوهابية: السيادة المستأجرة.. حين تحكمك السفارات

الوهابية والتحالف االديني السياسي: 
في الظاهر، يبدو أن لكل دولة سيادتها، علمها، نشيدها الوطني، ورئيسها المنتخب أو المفروض. لكن حين تقترب من مراكز القرار في كثير من الدول التابعة، تجد شيئًا مختلفًا: الحكم الحقيقي لا يُدار من القصر الجمهوري، بل من السفارة الأجنبية. السيادة هنا ليست إلا واجهة، أما النفوذ الحقيقي فمستأجر لمن يدفع أو يهدد.


أولًا: من هو الحاكم الفعلي؟

في دول كثيرة، القرارات الكبرى لا تُتخذ داخليًا، بل تُستأذن خارجيًا. السفراء –وخاصة سفراء الدول الكبرى– يتحركون كحكّام ظل: يلتقون الوزراء، يُصدرون البيانات، يُنذرون ويُباركون، بل يُعينون رؤساء أحيانًا. وحين تتعارض المصلحة الوطنية مع رغبة السفير، لا يبقى كثير من السيادة إلا على الورق.

ثانيًا: أدوات التحكم الخارجي

التحكم لا يتم بالسلاح دائمًا، بل غالبًا بالديون، بالمعونات المشروطة، بالبرامج "الإصلاحية" التي تصممها المؤسسات الدولية. وكلما زادت الحاجة الاقتصادية، زادت جرعة الإذعان السياسي. وهكذا تتحول الدولة إلى شركة تابعة، والسفير إلى مُراقب إداري.

ثالثًا: أنظمة وظيفية لا وطنية

الأنظمة التي تستمد شرعيتها من الخارج وليس من شعوبها، تجد في التبعية ضمانًا للبقاء. لذلك، تكون "السيادة" عندها كلمة جميلة تُقال في الخطب، لكنها لا تُمارس. فالسلاح يُستورد، والسياسات تُملى، والقوانين تُفصّل بناءً على نصائح الخارج.

رابعًا: دور الإعلام في خداع الشعوب

الإعلام المحلي يُساهم في التغطية على التبعية. فيُصوّر القرارات المستوردة كـ"توجهات وطنية"، ويجعل من السفراء "أصدقاء الشعب"، ويروّج للهيمنة على أنها "شراكة استراتيجية". وهكذا يُغسل الوعي، ويُروّج الاحتلال الناعم كخيار سيادي.

خامسًا: حين تصبح المقاومة "تخريبًا"

أي صوت يعارض هذه التبعية يُتهم بأنه يريد "تخريب العلاقات"، أو "الإضرار بالمصلحة العليا"، وكأن المصلحة أصبحت مرهونة برضى السفير، لا بحرية الشعب. فيتم قمع الأصوات الحرة، ويُسجن الوطنيون الحقيقيون، بينما يعلو صوت العملاء.

خاتمة: السيادة لا تُستجدى

السيادة الحقيقية لا تُمنح، بل تُنتزع. وحين يحكمك الخارج، لا فرق إن دخل بجيوشه أو بشركاته أو ببعثته الدبلوماسية. الشعوب الواعية لا تنخدع بالأعلام، بل تنظر إلى من يُحرّك الدمى من وراء الستار.


أحدث أقدم
🏠