
ما هي قصة "البقرة الحمراء"؟
وفقًا لسفر العدد (الإصحاح 19)، تُعتبر "البقرة الحمراء الكاملة التي لا عيب فيها ولم يُوضع عليها نير"، وسيلةً لتطهير الكهنة من "نجاسة الموت". وكان حرق هذه البقرة وجمع رمادها شرطًا لازمًا لاستعادة "الطهارة" الدينية، مما يمكّن الكهنة من أداء شعائرهم في الهيكل.
المعضلة: منذ تدمير الهيكل الثاني عام 70م، لم تُعثر في إسرائيل على بقرة مستوفية لجميع الشروط التوراتية. ومن هنا تنبع الأهمية الرمزية لظهور بقرة حمراء جديدة: إذ يُنظر إليها كعلامة اقتراب بناء الهيكل الثالث، وبالتالي اقتراب عودة المسيّا المنتظر.
لماذا تُثير هذه الطقوس مخاوف كبرى؟
لأن بناء الهيكل الثالث يتطلب هدم المسجد الأقصى، أو على الأقل السيطرة على ساحاته، بحسب العقيدة التوراتية لبعض الحركات الصهيونية الدينية. وظهور البقرة الحمراء يُعدّ من العلامات المفصلية لتفعيل هذه النبوءات.
وفي السنوات الأخيرة، تمّ بالفعل جلب بقرات حمراء من أمريكا إلى إسرائيل، وتم الإعلان عنها في وسائل إعلام دينية صهيونية، باعتبارها قد تكون مؤهلة لشعائر "التطهير"، مما يعكس تحركًا عمليًا باتجاه تحقيق هذه الطقوس.
من يقف وراء هذه الطقوس؟
جهات عدة، أبرزها:
- حركة أمناء جبل الهيكل: تسعى فعليًا لإقامة الهيكل الثالث وتجهّز أواني العبادة وكهنته.
- معهد الهيكل في القدس: مؤسسة تقوم بإعداد الدراسات، الملابس الكهنوتية، الأواني المقدسة، وتربية الكهنة.
- تيارات مسيحية إنجيلية صهيونية: تؤمن بأن بناء الهيكل سيسرّع بعودة المسيح (عيسى عليه السلام)، ويقود إلى معركة "هرمجدون".
البقرة الحمراء كرمز سياسي ديني
ما يُقدَّم كطقس ديني، يُخفي خلفه أبعادًا سياسية خطيرة:
- محاولة فرض السيطرة اليهودية الكاملة على المسجد الأقصى.
- إشعال صراع ديني يستثمره الخطاب الصهيوني لتبرير التوسع.
- جذب الدعم الإنجيلي الأمريكي بوصف بناء الهيكل مقدمة لـ"خلاص البشرية".
قراءة نقدية
البقرة الحمراء هنا ليست مجرد طقس غامض، بل أداة في معركة رمزية للاستحواذ على الوعي والمكان والزمان. إنها تُمثل ما يمكن تسميته بـ**"الدين المؤدلج"، حيث تُستخدم النبوءات لإضفاء قداسة على مشروع سياسي توسعي**.
ولعلّ الخطر الأكبر لا يكمن في طقوس البقرة نفسها، بل في استعداد ملايين الناس لتصديق هذه الرموز على أنها بوابة النهاية الكبرى، مما يجعلها أداة لتفجير صراع ديني شامل باسم الخلاص.