
الفقر لا يسأل العاشق: "كم تحب؟"، بل يقول له: "ماذا تملك؟". وهنا، ينكشف ما إذا كان الحب شعورًا حرًا، أم رغبة مشروطة، أم هروبًا مؤقتًا من واقع لا يُطاق.
الحب في زمن الندرة
حين تضيق الجيوب، تضيق الأحلام. وحين لا يجد المرء ما يقدمه، يبدأ في الشك في نفسه:
"هل أستحق هذا الحب وأنا لا أملك حتى أجرة الطريق؟"
"هل ستحبني إن فشلت؟ إن عجزت؟ إن انتظرت طويلًا بلا أمل؟"
في لحظات الجوع، لا يُختبر الحب فقط، بل يُقاس بالكرامة، ويُوزن بالصبر، ويُهدّد بالخجل.
حين يكون الحب رفاهية
في مجتمعات كثيرة، يصبح الحب نفسه رفاهية. لا وقت للعاطفة وسط سباق البقاء. تتزاحم الأسئلة العملية: "أين نسكن؟ ماذا نأكل؟ من سيدفع الفواتير؟" فتتراجع المشاعر أمام أسئلة البقاء.
وهكذا، يصبح الحب حلمًا مؤجلًا، أو يُستبدَل بزواج مفروض، أو يُباع في أسواق المصالح، تحت عناوين مستترة.
من يحبك حين تُفلس... يحبك حقًا
من لا يغادر حين تفقد عملك، من لا يتخلّى حين تتساقط مشاريعك، من يقف إلى جانبك لا خلفك، لا فوقك ولا بعيدًا عنك — هو من أحبك حقًا، لا لما تملك، بل لما أنت عليه.
لكن كم يتحمّل الإنسان من الألم قبل أن تنكسر روحه؟ وكم من حبٍ جميل مات، لا لأنه لم يكن صادقًا، بل لأنه لم يجد ما يحميه من برد الواقع؟
الحب لا يكفي... لكنه لا يُشترى
نعم، الحب وحده لا يكفي. لكنه أيضًا لا يُشترى. هو ليس مخرجًا سهلًا للفقراء، ولا ترفًا للأغنياء.
الحب الحقيقي، إذا اجتمع مع الفقر، قد يتحوّل إلى صراعٍ ضد العالم لا ضد بعضهما. لكنه إن لم يتحمّل قسوة العوز، فقد لا يكون أكثر من عاطفة هشّة، صالحة لزمن الراحة فقط.
الخاتمة:
بين الحب والفقر علاقة دقيقة:
فالحب يكشف معدن الإنسان حين يُختبر، والفقر يكشف طبيعة الحب حين يُجرَّد من الزينة.
وما يبقى في النهاية ليس عدد الكلمات ولا الهدايا، بل سؤال:
هل اختارك حين كنت لا شيء... أم اختار ما لديك؟