خيارات الحسم في حرب إيران وإسرائيل

السيناريوهات المحتملة وما الذي يمنع تحققها؟ 

بعد أسابيع من القصف المتبادل واستنزاف الأعصاب، يقف المراقب أمام سؤال محوري: لماذا لا تُحسم الحرب؟ ولماذا لم تقع بعد الضربة الكبرى التي تغيّر المعادلة؟ هذا المقال يتناول الخيارات النظرية المتاحة للطرفين من أجل الحسم، ويحلل العوائق الكامنة خلف كل خيار، ليكشف في النهاية أن الحرب تسير على حافة الهاوية، لكنها محكومة بخطوط حمراء صارمة.


أولًا: سيناريو الحسم الإسرائيلي

(1) ضربة شاملة للبنية النووية والعسكرية الإيرانية

الوصف: تنفيذ غارات جوية وصاروخية دقيقة تُعطل برنامج إيران النووي والبنى التحتية للصواريخ والطائرات المسيّرة.

العقبات:

  • إيران طوّرت منظومات دفاعية محلية، ووزّعت منشآتها في عمق الأرض أو تحت الجبال.
  • ضربة كهذه تحتاج تنسيقًا مع أميركا وربما قواعدها الجوية، وهو ما لم يُمنح بالكامل.
  • ستؤدي إلى تصعيد إقليمي واسع قد يشمل حزب الله وسوريا وربما العراق واليمن.

(2) استهداف القيادة السياسية العليا

الوصف: تنفيذ عملية نوعية ضد قادة النظام (كما حدث سابقًا مع سليماني).

العقبات:

  • قد يؤدي إلى رد فعل غير محسوب من إيران يجرّ المنطقة إلى فوضى.
  • خسائر إسرائيل السياسية قد تفوق المكاسب العسكرية المؤقتة.
  • لا ضمان أن ينهار النظام الإيراني أو يضعف كما تتوهم تل أبيب.

ثانيًا: سيناريو الحسم الإيراني

(1) ضرب منشآت حيوية داخل إسرائيل

الوصف: استهداف منشآت حساسة (مطارات، مفاعلات، مراكز قيادة).

العقبات:

  • فعالية القبة الحديدية ومنظومات الدفاع المتكاملة تقلل الأثر المباشر.
  • إسرائيل سترد برد ساحق، وقد تفقد إيران القدرة على التوازن بعد ذلك.
  • إيران لا تزال تراهن على معركة طويلة النفس، لا انتحار عسكري.

(2) تفعيل الجبهة الشمالية: حزب الله وسوريا

الوصف: فتح جبهة موازية من الجنوب اللبناني أو الجولان المحتل.

العقبات:

  • الحزب متورط في استنزاف مستمر، ولن يخاطر بتوسيع الحرب بشكل يؤدي إلى اجتياح كامل.
  • سوريا ليست جاهزة لحرب شاملة، وقد تستغلها إسرائيل لفرض وقائع جديدة.
  • إيران تخشى أن يؤدي التوسّع إلى فكّ تحالفاتها بدل تقويتها.


ثالثًا: خيار التفاوض عبر التصعيد

هذا ما يُسمى "التفاوض بالنار":
كل طرف يضرب ليحسّن شروطه على طاولة محتملة، دون أن يعلن رغبته في التفاوض.

  • إيران تستثمر الحرب لإجبار الغرب على التراجع عن الضغوط.
  • إسرائيل تستخدمها لابتزاز دعم أكبر من أمريكا وشيطنة إيران أمام أوروبا.

لكن لا أحد منهما قادر على فرض إرادته بالكامل.

رابعًا: حسابات الداخل تقيّد الخارج

  • في إسرائيل، الاحتجاجات الداخلية، واستنزاف الجيش في غزة، والانقسام السياسي، كلها عوامل تمنع قرارًا مصيريًا شاملًا.
  • في إيران، الاقتصاد يئن تحت العقوبات، والطبقة الوسطى منهكة، والمظاهرات قابلة للاشتعال في أي لحظة.
  • وهكذا يصبح القرار العسكري مرهونًا بتكلفة داخلية مؤلمة لكلا الطرفين.

الخاتمة: حرب بلا نهاية... أم صراع حتى التآكل؟

كل سيناريو للحسم يبدو مغريًا على الورق، لكن تكلفة التنفيذ تجعل من كل قرار قنبلة موقوتة.
وهكذا، تستمر الحرب... لا لتُربح، بل لئلا يخسر أحد.
إنه صراع الإرادات في زمن لا يجرؤ فيه أحد على الحسم، لأنه يدرك أن النصر قد يكون بداية الانهيار.

*
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال