
صراع ما بعد سايكس بيكو:
ليست هذه الحرب كسابقاتها، فهي لا تدور فقط بين دولتين، بل تختصر شبكة من التوترات التاريخية والمذهبية والسياسية والجيواستراتيجية في المنطقة. فهل نحن أمام بداية لإعادة تشكيل الشرق الأوسط؟ أم أنها مجرد موجة عابرة في محيط دائم الاضطراب؟
أولًا: تفكك الجبهات التقليدية
- لم تعد الجبهات كما كانت: هناك صراع مباشر، لكنه في ظل تآكل الأنظمة، وضعف الدولة الوطنية.
- إيران ليست دولة تقليدية، بل محور كامل.
- وإسرائيل لا تخوض حربًا دفاعية، بل تسعى لرسم خارطة ردع جديدة.
- دول الخليج حائرة بين الخصومة مع إيران والحذر من تمدد إسرائيل.
الخلاصة: البنية الجيوسياسية التي نشأت بعد الحرب العالمية الثانية بدأت تتآكل.
ثانيًا: مركزية الحرب الإعلامية
- لأول مرة، تتحول الحرب إلى حدث شعبي عالمي: الرأي العام يتشكل بشكل سريع خارج الإعلام الرسمي.
- ملايين المتعاطفين مع إيران ليسوا مؤيدين لها، بل كارهيًا لهيمنة إسرائيل والغرب.
- وهذا ما قد يدفع الأنظمة إلى إعادة تعريف تحالفاتها بناء على ضغط الشارع، لا المصالح فقط.
ثالثًا: صعود الهويات العابرة للحدود
- الحرب كشفت أن الانتماء المذهبي والطائفي لم يعد هو المحرك الوحيد.
- هناك انتماء جديد يتشكّل: هويات مقاومة ضد الاحتلال والهيمنة، حتى داخل المجتمعات الغربية.
- وهذا تهديد حقيقي لأنظمة كثيرة في المنطقة لا تملك شرعية جماهيرية.
رابعًا: تآكل فكرة الحياد
- الدول التي ظنّت أنها خارج الصراع (مثل الأردن، مصر، أو حتى السعودية) بدأت تدرك أن الحرب لن تظل على حدودها.
- إما أن تختار الاصطفاف، أو تعيش على هامش القرار، وهذا ما قد يعيد خلط الأوراق في التحالفات الإقليمية.
الخاتمة: الشرق الأوسط يعيد تعريف نفسه
ربما لا تغيّر هذه الحرب الخرائط مباشرة، لكنها تغيّر معاني الحدود والهوية والولاء.
إنها لا تسقط دولًا، لكنها تُفكك شرعيات.
ولا تعيد رسم الجغرافيا، لكنها تعيد صياغة المصالح والتحالفات.
الشرق الأوسط الجديد قد لا يُصنع في المؤتمرات الدولية، بل في ساحات المعارك... واللافتات الشعبية.