
إسرائيل تضرب "الرموز"
حين تستهدف إسرائيل منشآت نووية كـ"نطنز" و"أصفهان"، فإن الرسالة تتجاوز حدود التكتيك العسكري، لتطال العمق الرمزي لسيادة إيران وتفوقها الاستراتيجي. فهذه المنشآت ليست مواقع عسكرية عادية، بل تمثل لدى النظام الإيراني مفاتيح الصمود و"الهيبة الردعية". وهنا تكمن الخطورة: فكلما تمسّ إسرائيل بهذه الرموز، يُدفع النظام الإيراني إلى الرد بأي وسيلة، ولو عبر مغامرة غير محسوبة.
الرد الإيراني: صواريخ... دون تغيير المعادلة
ردّت إيران بأكثر من 370 صاروخًا وطائرة مسيّرة. صحيح أن أغلبها أُسقط، لكن مغزى الرد كان سياسيًا أكثر منه عسكريًا: "لسنا عاجزين". إلا أن هذا الرد، رغم زخمه، لم ينجح في كسر إرادة الضربات الإسرائيلية، ولم يوقف الهجمات، مما يطرح سؤالًا خطيرًا: هل يمكن أن يقبل النظام الإيراني بفقدان هيبته أمام الداخل والخارج دون رد نوعي؟
دخول أمريكي من البوابة الخلفية
مع تزايد التقارير عن ضربات أمريكية مباشرة لثلاث منشآت نووية إيرانية، وتحرّك قاذفات B‑2 من غوام، تصبح فرضية توسع الحرب إلى جبهة "إيرانية - إسرائيلية - أمريكية" أكثر واقعية. وهنا تنتقل الحرب من ساحة موضعية إلى صراع إقليمي مفتوح، ما يهدد بتفجير الخليج والعراق وسوريا ولبنان في آنٍ واحد.
وكلاء إيران في الانتظار
حزب الله في لبنان، الحوثيون في اليمن، الحشد الشعبي في العراق... جميعهم يُعتبرون أوراقًا إيرانية مؤجّلة. فإذا ما قررت إيران تصعيد المواجهة، فقد تُطلق هذه الأوراق دفعة واحدة. ولكن هذا السيناريو يعني إشعال الإقليم بأكمله، مما سيُحرج حلفاء إيران ويضعهم أمام استحقاقات داخلية لا يقدرون عليها.
كوابح التوسع: لماذا قد تبقى الحرب محدودة؟
رغم التصعيد، هناك عدة كوابح قد تمنع توسع الحرب:
- الخوف المتبادل من الانهيار.
- الضغوط الدولية الصامتة (خصوصًا من روسيا والصين).
- انكشاف الوكلاء وصعوبة إدارتهم في حرب مفتوحة.
حرب رمادية... بلا نهاية قريبة
الحرب الحالية تسير وفق نمط "التصعيد المحسوب": ضربات مؤلمة، لكن بلا نية لاجتياح شامل. الطرفان يحرصان على إبقاء الحرب تحت سقف ما دون الانفجار الكامل، لتظل رسائل الردع قائمة دون الانزلاق إلى نقطة اللاعودة.