غزة: الصمود المستحيل

غزة، تلك الشريط الضيق المحاصر، لا يبدو عليها أنها ستصمد.

كل حصار، كل قصف، كل أزمة اقتصادية، ترسم أمامنا مشهدًا قاتمًا، ولكنها — رغم كل شيء — ما زالت تقاوم.

الصمود كمعجزة مُكرّرة

الصمود في غزة ليس قرارًا فرديًا، بل معجزة جماعية تُعاد صياغتها مع كل جولة جديدة من العدوان.
إنه صمود "في العتمة" — بدون كهرباء، بدون مياه، تحت الأنقاض، وسط حواجز تعجيزية.
هذا الصمود يشبه المشي على حبل مشدود فوق هوة عميقة لا تعرف الاستقرار.

الصمود والحياة بين السكين والحائط

لكن هذا الصمود يحمل في داخله تناقضًا صارخًا:
كيف لصمود أن يكون مستحيلاً؟

لأن غزة:

  • لا تملك مقومات الحياة الطبيعية، وإنما تعيش على فتات الدعم والمساعدات.
  • لا تملك فضاءً جغرافيًا يُمكن التمدد فيه، ولا اقتصادًا قادرًا على النمو.
  • لا يمكنها الاستمرار بالصمود دون تجديد مستمر للطاقة البشرية والمادية.

وهذا يجعل من صمودها مؤقتًا وهشًا، لا يتحمل أبدًا واقعًا طويل الأمد.

المقاومة بين الاستمرارية والاستنزاف

المقاومة في غزة ليست فقط بندقية أو صاروخًا، بل إرادة حياة.
لكن الإرادة وحدها لا تكفي.
إنها تتصارع مع واقع يُعيد إنتاج الوجع ويستنزف الأمل، مما يطرح السؤال:
هل يمكن لغزة أن تصمد إلى الأبد؟ أم أن الصمود نفسه بات يُشكّل عبئًا على أهلها؟

غزة: مأزق الوجود

الصمود في غزة يعني مواجهة مأزق الوجود اليومي:

  • الرغبة في العيش بحرية وكريمة،
  • مع استمرار الحصار والعدوان،
  • والغياب شبه الكامل لأي أفق سياسي يُنهي المأساة.

غزة، إذن، تقاوم ليس فقط الاحتلال، بل واقعها الذي لا يسمح بالاستمرار بسهولة.


في الختام

الصمود في غزة هو معجزة، لكنه معجزة على حافة الهاوية.
هو صمود "مستحيل" لأن ثمنه باهظ، وحيث أن كل يوم يبني جسرًا هشًا نحو مستقبل مجهول.
ولأن الصمود في غزة ليس فقط معركة مع الاحتلال، بل معركة مع الزمن، والظروف، والضعف البشري.

سلسلة: الاحتلال حين يهتزّ: مقالات في تفكك المشروع الصهيوني

أحدث أقدم