دولة تحت المجهر: العراق – دولة هشّة في دوامة الصراعات

يُقاتل العراق بين أطياف صراعات داخلية متعددة، وتأثيرات إقليمية متشابكة، وسط اقتصاد منهك ونظام سياسي يعاني من الفساد والهشاشة. دولة تتعثر في محاولتها لإعادة بناء نفسها، في ظل غياب استقرار سياسي واقتصادي حقيقي، وصراع مستمر على السلطة والهوية.

1. بنية النظام ومصادر السلطة

العراق دولة فيدرالية رسمياً، لكنها تعاني من نظام سياسي طائفي ومناطقي يُقسم السلطة بين مكونات متعددة، مما يضعف مركزية الدولة.
السلطة موزعة بين الأحزاب الطائفية، والنخب السياسية المتنفذة، التي تسيطر على مؤسسات الدولة ومواردها.
هذا النظام يعاني من غياب سيادة القانون، والفساد المستشري، مما يضعف قدرة الدولة على فرض سيطرتها.

2. المشكلات الحالية (الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، المسكوت عنها)

اقتصادياً، يعتمد العراق بشكل شبه كلي على النفط، مع عدم تنويع حقيقي للاقتصاد، ما يجعل البلد عرضة لتقلبات أسعار النفط.
البنية التحتية مدمرة بسبب الحروب والصراعات، والخدمات الأساسية ضعيفة.
سياسياً، هناك صراعات متواصلة بين الفصائل الطائفية والمناطقية، مع غياب توافق سياسي حقيقي.
المجتمع يواجه تحديات اجتماعية كبيرة تشمل البطالة، الفقر، والفساد.
المسكوت عنه يشمل:

  • نفوذ القوى الأجنبية المتعددة على القرار الوطني.
  • الفساد المنتشر في كل مؤسسات الدولة.
  • تأثير الصراعات المسلحة على النسيج الاجتماعي.

3. الدور الجيوسياسي والوظيفي للدولة

العراق أصبح ساحة نفوذ متشابكة بين إيران، الولايات المتحدة، ودول إقليمية أخرى، ما يجعله نقطة توتر دائم.
وظيفته الإقليمية تتحول إلى جسر صراع بين المحاور المختلفة، مع فقدان القدرة على صناعة قرار مستقل.
دوره الإقليمي مرتبط بتوازنات معقدة تجعل من الاستقرار السياسي حلمًا بعيدًا.

4. الاقتصاد الحقيقي للدولة

الاقتصاد عراقي ريعي بالكامل تقريبًا، مع اعتماد كامل على صادرات النفط.
القطاع الخاص ضعيف، وتوجد مشاكل كبيرة في بيئة الأعمال والاستثمار.
الفساد والهدر المالي يؤثران على فعالية الإنفاق الحكومي ويعيقان التنمية الاقتصادية.

5. الإعلام والخطاب مقابل الواقع

الإعلام العراقي منقسم بين وسائل تابعة للأحزاب الطائفية ومصالحها، مع ضعف في الحياد والاستقلالية.
الخطاب الرسمي غالبًا ما يغطي على الفساد والصراعات، ويركز على الخطابات الطائفية والسياسية التي تزيد الانقسام.
المواطن يعيش حالة من الارتباك الإعلامي، مع غياب منصة إعلامية توحد الرؤية الوطنية.

6. حالة المجتمع: بين الانقسام والرغبة في التغيير

المجتمع العراقي ممزق طائفياً ومناطقياً، لكن هناك رغبة متزايدة بين الشباب في التغيير والإصلاح.
الاحتجاجات الشعبية بين الحين والآخر تعكس الإحباط من الفساد وضعف الخدمات.
مع ذلك، تخضع الحركات الاجتماعية لقمع أمني وسياسي متكرر، مما يحد من قدرتها على تحقيق تحول حقيقي.

7. سيناريوهات المستقبل

  • استمرار الوضع الحالي مع بقاء الانقسامات والصراعات.
  • تفاقم الأزمات الاقتصادية والسياسية مع احتمالات نزاعات أوسع.
  • إمكانية ظهور حركات إصلاحية جديدة، لكنها تواجه تحديات كبيرة في البيئة السياسية.

8. خاتمة تحليلية

العراق يقف على مفترق طرق بين استمرارية الفشل السياسي والاجتماعي، وفرص نادرة للإصلاح الحقيقي.
نجاح أي مشروع دولة مستدام يعتمد على تجاوز الانقسامات الطائفية، ومكافحة الفساد، وبناء مؤسسات قوية ومستقلة.
في غياب ذلك، سيظل العراق غارقًا في دوامة الصراعات والهشاشة.

سلسلة: دولة تحت المجهر

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.