فلسطين ليست ملفًا إنسانيًا.. بل قضية تحرر كوني

في زمن يسعى فيه كثيرون إلى اختزال القضية الفلسطينية في أبعاد إنسانية محضة، لا يتجاوز سقفها صورة المعاناة أو تفاصيل الحصار، تظهر غزة وكأنها مجرد "مأساة إنسانية" تُعالج بالمساعدات فقط، من دون أن تُطرح على طاولة التاريخ والسياسة والحقوق.

لكن فلسطين ليست فقط ملفًا إنسانيًا.
هي قضية تحرر، كونية، تتجاوز حدود الأرض والزمان، تشكل رافعة لنضالات الشعوب ضد الاستعمار والهيمنة، ورمزًا للصراع من أجل الكرامة والعدالة.

أولًا: لماذا محاولة تحويل القضية إلى "ملف إنساني" هي استراتيجية إلغائية؟

  • تجريد القضية من بعد التحرر الوطني والسيادة السياسية، وتحويلها إلى موضوع مساعدات وانتقادات سطحية.
  • إلهاء الرأي العام الدولي عن جذور الاحتلال والإرهاب المؤسساتي، عبر التركيز على "المآسي" بدلاً من "الاحتلال".
  • إخفاء المساءلة القانونية والسياسية، لأن ملف "الإنسانية" لا يطالب بتحرير أرض أو حقوق سياسية.
  • فتح الباب أمام سياسات الطوارئ المؤقتة، بدل الحلول الجذرية والدائمة.

ثانيًا: فلسطين في سياق التحرر الكوني

  • فلسطين هي واحدة من آخر جبهات الاستعمار الاستيطاني الحديث في العالم، مع خصوصياتها التاريخية والجغرافية.
  • مقاومة الفلسطينيين ليست فقط دفاعًا عن الأرض، بل عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، وضد مشاريع الهيمنة الغربية.
  • القضية الفلسطينية تتماهى مع حركات التحرر في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وتقدم نموذجًا حيًا للصراع من أجل الكرامة والحرية.
  • دعم القضية الفلسطينية هو دعم لمسار عالمي لتحرير الشعوب من سيطرة الإمبراطوريات الجديدة.

ثالثًا: ماذا يفقد العالم بتحويل فلسطين إلى مجرد "ملف إنساني"؟

  • يفقد فرصة مواجهة أنظمة الهيمنة والاستعمار الجديدة، التي تستخدم احتلال فلسطين كأداة للهيمنة الإقليمية والدولية.
  • يفقد البوصلة الأخلاقية التي تميّز بين مقاومة شعب محتل، وعمليات إرهاب منظمة.
  • يُعمّق ظلال الانقسام والضعف داخل المجتمع الفلسطيني، حين يتحول النضال إلى استجداء المساعدات بدلاً من بناء القوة والتحرير.
  • يحاصر آفاق السلام العادل، لأن السلام لن يُبنى على مساعدات إنسانية فقط، بل على حقوق وكرامة وسيادة.

رابعًا: كيف يمكن إعادة القضية الفلسطينية إلى مسار التحرر؟

  • بإعادة التأكيد على حق العودة والكرامة والسيادة الوطنية، كحد أدنى لعملية السلام.
  • بإبراز دور المقاومة كشكل مشروع من أشكال الدفاع والتحرير.
  • بتوحيد الجهود الشعبية والعربية والدولية لدعم تحرر فلسطين، بعيدًا عن الصراعات الإقليمية والمصالح الضيقة.
  • بإعادة صياغة الخطاب الإعلامي والسياسي ليضع القضية في إطار صراع الكرامة ضد الاستعمار، لا مجرد مأساة إنسانية.

الخاتمة

فلسطين ليست أزمة مساعدات تُدار في مكاتب الأمم المتحدة، بل هي ملحمة تحرر تتحدى أعتى مشاريع الهيمنة في العصر الحديث.
كل من يحاول تقزيمها إلى ملف إنساني فقط، هو إما مخطئ أو متواطئ في طمس حق الشعوب في الكرامة والحرية.
غزة ليست فقط جرحًا إنسانيًا، بل شعلة تحرر تنير طريق الكفاح ضد الظلم العالمي.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.