لماذا لم تنهزم حماس رغم المواجهات المستمرة مع الجيش الإسرائيلي؟

منذ تأسيسها، أظهرت حركة حماس قدرة ملحوظة على الصمود أمام الجيش الإسرائيلي، الذي يُعدّ من أقوى الجيوش في المنطقة من حيث التكنولوجيا، التدريب، والقدرات الاستخباراتية. الصمود المتواصل لحماس يعود إلى مجموعة من العوامل الاستراتيجية والسياسية التي تكشف عن ديناميكية صراع asymmetrical warfare، أي الحرب غير المتكافئة، في المنطقة.

1. طبيعة الحرب غير المتكافئة

الجيش الإسرائيلي يعتمد على القوة التقليدية والتكنولوجيا المتقدمة، بينما حماس تتبع استراتيجية حرب عصابات ومقاومة غير نظامية. يعتمد مقاتلو الحركة على أنفاق سرية، قواعد متنقلة، صواريخ قصيرة المدى، ومواقع مخفية بين الأحياء السكنية. هذه التكتيكات تجعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي القضاء على الحركة بالكامل، رغم تفوقه في الضربات الجوية والدبابات.

2. الدعم المحلي والإقليمي

حماس تمتلك شبكة دعم محلية قوية، سواء على صعيد المجتمعات الفلسطينية في غزة أو عبر امتدادها الإقليمي في شبكات الدعم السياسي والمالي. الدعم يضمن استمرار التمويل والتموين بالأسلحة، ويزيد من قدرة الحركة على التجدد بسرعة بعد أي عملية عسكرية إسرائيلية.

3. المقاومة النفسية والسياسية

حماس نجحت في بناء خطاب سياسي مقاوم، يستخدم الرمزية الوطنية والدينية، ما يمنحها قاعدة شعبية صامدة رغم الخسائر. هذه المقاومة النفسية تمنح المقاتلين قدرة على الصمود تحت ضغط الحصار والحرب المستمرة.

4. محدودية الأهداف الإسرائيلية

الجيش الإسرائيلي غالبًا ما يركز على الضربات الاستراتيجية، وليس على القضاء الكامل على الحركة، خوفًا من انفجار الوضع السياسي الداخلي والإقليمي. هذا يعني أن المواجهات تظل محدودة، ومتصلة بإطار توازن رعب مستمر، ما يتيح لحماس فرصة إعادة البناء.

5. تعقيد الجغرافيا الحضرية

غزة منطقة صغيرة، مكتظة بالسكان، وهذا يجعل من الصعب على أي قوة عسكرية كبيرة تنفيذ عمليات واسعة النطاق دون خسائر مدنية، ما يحد من فعالية الجيش الإسرائيلي ويزيد صعوبة القضاء الكامل على حماس.

التحليل النقدي النهائي

صمود حماس ليس مجرد مسألة قوة أو ضعف، بل نتاج استراتيجية تكتيكية متطورة، دعم سياسي داخلي وخارجي، ووعي بمحددات الحرب غير المتكافئة. الصراع هنا ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل لعبة معقدة من القوة الرمزية، التكتيكات الحضرية، والقيود السياسية الدولية. لهذا السبب، رغم تفوق الجيش الإسرائيلي المادي، لم تتمكن إسرائيل من القضاء على حماس نهائيًا، وما زالت الحركة قادرة على الاستمرار في المقاومة، رغم الخسائر والتحديات الهائلة.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.