الإسلام المعتدل: من صاغ هذا المفهوم ولماذا؟

سلسلة: التضليل الإعلامي والمسلمات الكاذبة
المجموعة الرابعة: النظرة للإسلام في الإعلام – التشويه والتفكيك
المقال (3): الإسلام المعتدل: من صاغ هذا المفهوم ولماذا؟

المقدمة

لطالما رُوِّج في الإعلام لمصطلح "الإسلام المعتدل" باعتباره النموذج المرغوب من المسلمين: إسلامٌ لا يرفض الغرب، لا ينتقد السياسات الدولية، ولا يتدخّل في الشأن العام. يتم الاحتفاء بشخصيات وتصريحات بعينها تُلبّس هذا "الاعتدال" المرغوب، بينما يُقصى ويُخوّن كل خطاب نقدي أو مستقل. لكن السؤال الجوهري هو: من يحدّد معنى الاعتدال؟ ومن يملك حق رسم حدوده؟ وهل الاعتدال يعني التماهي مع الرؤية الغربية فقط، أم هو مبدأ قرآني مختلف عمّا يُروَّج إعلاميًا؟

المسلمة الكاذبة

"الإسلام المعتدل" هو فقط ذلك الذي يبتعد عن السياسة، يرضى بالنظام العالمي القائم، ولا يُظهر ممانعة فكرية أو ثقافية ضد الغرب.

الهدف من هذه المسلمة

  • إعادة تعريف الإسلام من الخارج وفق مقاييس المصالح الغربية.
  • ترويض الخطاب الإسلامي ليصبح آمنًا للنظام الدولي ومفيدًا في ضبط المجتمعات.
  • شرعنة التدخل في الشؤون الدينية والتعليمية بدعوى دعم الاعتدال.
  • تشجيع نماذج دينية شكلية خالية من العمق أو الفاعلية المجتمعية.
  • ترهيب كل من يرفع صوتًا ناقدًا بوصفه مشروع متطرف محتمل.

الأساليب المستخدمة لترسيخها

  1. تكرار مصطلح "الإسلام المعتدل" في الإعلام دون تعريف دقيق، لكنه مشروط ضمنيًا بالولاء السياسي.
  2. تلميع شخصيات دينية أو فكرية تتبنى خطابًا متوافقًا مع السياسات الغربية، حتى لو كانت مهمّشة في مجتمعاتها.
  3. تقديم نماذج "اعتدال" تمثل الاستسلام الكامل للهيمنة الثقافية، مقابل تصوير كل خطاب نقدي على أنه متشدد.
  4. ربط الاعتدال بمواقف سياسية (الاعتراف بالاحتلال – دعم الأنظمة – القبول بالتبعية).
  5. تشويه المفاهيم الإسلامية التي تتضمن أي بعد تحرري أو مقاوم، وتجريدها من سياقها القرآني.

النتائج المتحققة فعليًا

  • تصاعد الشك بين المسلمين تجاه كل خطاب ديني مؤسسي بوصفه تابعًا للسلطة.
  • تعطيل التجديد الحقيقي داخل الفكر الإسلامي لصالح خطابات وظيفية مرعيّة من الخارج.
  • إضعاف الثقة بين العالم الإسلامي والغرب، بسبب وضوح ازدواجية المعايير.
  • انقسام داخلي بين "المعتدلين المدعومين" و"المتهمين بالتطرف" وإن لم يحملوا سلاحًا أو دعوة للعنف.
  • تضييع المعنى الحقيقي للاعتدال القرآني القائم على العدل والوسطية، لا على الخضوع.

الخاتمة

حين يُصاغ مفهوم "الاعتدال" في الغرف السياسية ويُفرض إعلاميًا كمعيار للطاعة، فإنه يتحول من قيمة إلى أداة. الاعتدال في حقيقته القرآنية هو التوازن بين الغلو والتفريط، وهو مقاومة للظلم لا تماهٍ معه. أما حين يصبح "الإسلام المعتدل" يعني فقط إسلامًا منزوع السلاح والموقف، فحينها نكون أمام هندسة دعائية لا أمام حوار حضاري. والواجب هنا ليس رفض الاعتدال، بل فضح من سرق اسمه وحرّف مضمونه.


كلمات مفتاحية

الإسلام المعتدل، الاعتدال في الإعلام، ترويض الدين، الخطاب الإسلامي، الإعلام الغربي، الإسلام والسياسة، الاعتدال المزيف، وسطية الإسلام، السيطرة على الدين، تفكيك المصطلحات الإعلامية

وصف الصورة المقترحة

ميزان ضخم يظهر فيه على كفة كتاب مفتوح للقرآن الكريم مع كلمات مثل "العدالة"، "المقاومة"، "الكرامة"، بينما في الكفة الأخرى حقيبة دبلوماسية عليها شعار الغرب، ويحاول رجل إعلامي إعادة ضبط الكفة لتبدو "معتدلة" لكن بما يخدم الطرف الأقوى، في إشارة إلى تحريف الاعتدال لصالح السياسة لا الدين.

أحدث أقدم
🏠