
المجموعة الرابعة: النظرة للإسلام في الإعلام – التشويه والتفكيك
المقال (2): الإسلام المتطرف: النموذج المُفبرك في الإعلام
المقدمة
منذ نهاية الحرب الباردة، وبدء مرحلة "العدو الجديد"، تحوّل "الإسلام المتطرف" إلى الهاجس الأول للإعلام الغربي. هذا النموذج الذي لم يُولد من الواقع فقط، بل صيغ بعناية، شُكّلت له صورة ذهنية موحدة: شاب غاضب، يحمل سلاحًا، يصرخ بشعارات دينية، ويتحرك في بيئة صحراوية أو بدوية، لا يعرف سوى القتل والكراهية. ورغم التنوع الهائل في العالم الإسلامي، بقي هذا القالب ثابتًا في وسائل الإعلام. فهل هذا "الإسلام المتطرف" حقيقة كما يُقدّم؟ أم أنه نموذج مُفبرك وُظّف لأغراض تتجاوز محاربة الإرهاب؟
المسلمة الكاذبة
الإسلام المتطرف هو التعبير الحقيقي عن ما يعتقده قطاع واسع من المسلمين، وهو التهديد الأكبر الذي يواجه الحضارة الغربية.
الهدف من هذه المسلمة
- تثبيت صورة الإسلام كدين غير قابل للتعايش أو الاندماج.
- تبرير الحروب الوقائية والسياسات الأمنية القمعية باسم محاربة الإرهاب.
- صناعة "بعبع" إعلامي دائم يُبقي الشعوب الغربية في حالة خوف، ما يسهل توجيهها سياسيًا.
- تحجيم الخطابات الإسلامية الفكرية المعتدلة بوصفها غطاء ناعمًا للتطرف.
- توجيه أنظار المجتمعات المسلمة إلى صراع داخلي حول "صورة الدين" بدلًا من مواجهة الاستعمار الجديد.
الأساليب المستخدمة لترسيخها
- دمج صورة العنف مع كل ما هو "إسلامي" بصريًا: اللحية، الحجاب، اللغة العربية، التكبير، وغيرها.
- خلق نماذج متطرفة مُضخّمة إعلاميًا يتم إبرازها كأنها تمثل الإسلام كله.
- استخدام تعبيرات مكرّسة مثل "إسلام راديكالي"، "متشدد"، "أصولي"، دون تعريف واضح لها.
- التواطؤ أحيانًا مع أنظمة أو مجموعات تسمح ببروز خطاب متطرف كي يُستخدم كفزاعة.
- تحييد التغطية المتوازنة التي تشرح السياق السياسي والاجتماعي الذي يُنتج بعض ظواهر العنف.
- ترويج دراسات وتغطيات سطحية تعمّم استنتاجات على 1.8 مليار مسلم، بناءً على سلوكيات أفراد.
النتائج المتحققة فعليًا
- تعميم الخوف من كل مظهر إسلامي، حتى وإن لم يكن له علاقة بالعنف.
- صعود اليمين المتطرف في أوروبا وأمريكا على موجة "مكافحة الإرهاب الإسلامي".
- توفير غطاء إعلامي للأنظمة المستبدة كي تسحق المعارضة باسم مكافحة التطرف.
- إضعاف الخطاب الإسلامي النقدي، بوصفه المرحلة الأولى نحو "التطرف".
- خلق صورة ذهنية تُربك المسلمين أنفسهم، وتجعلهم في حالة دفاع دائم عن هويتهم.
الخاتمة
النموذج الإعلامي لـ"الإسلام المتطرف" ليس بريئًا، بل هو نتاج هندسة خطابية دقيقة تهدف إلى أكثر من محاربة الإرهاب: إنها طريقة لتشويه الإسلام، وإعادة تعريفه في الوعي العالمي كتهديد حضاري. حين يتم بناء هذا النموذج بمزيج من الصور النمطية، وتضخيم النماذج الشاذة، وتجاهل السياقات المعقّدة، يصبح الحديث عن "الإسلام الحقيقي" أشبه بالهروب من القالب الذي فرضه الإعلام. لذلك، فإن كشف هذا التزوير يبدأ بتفكيك المسلمات التي بُني عليها، والنظر في من يملك المنصة، لا فقط في من يُصوَّر فوقها.
كلمات مفتاحية
الإسلام المتطرف، الإعلام الغربي، النموذج المفبرك، الإسلام والراديكالية، الإسلاموفوبيا، التطرف والإعلام، الصور النمطية، الإسلام والغرب، تضليل إعلامي، صراع الهويات
وصف الصورة المقترحة
رجل ملتحٍ بملابس قاتمة يظهر على شاشة ضخمة في غرفة أخبار، وهو يلوّح بسلاح ويصرخ، بينما تتحكم أيادٍ إعلامية خفية خلف الستار بمحتوى الصورة، وكأنها تصنع "نموذجًا" معدًّا مسبقًا للإسلام المتطرف لعرضه على الجماهير.