طوفان الأقصى: من الغضب إلى موجة وعي.. الرأي العام العالمي تحت قصف غزة

لم تكن عملية "طوفان الأقصى" مجرد صدمة عسكرية أو اختراق أمني، بل كانت أيضًا شرارة لحرب إعلامية وأخلاقية طاحنة على الساحة العالمية.

لكن الموجة الكبرى جاءت بعدها، حين تحوّلت غزة إلى مسرح لإبادة جماعية علنية، تُبث بالصوت والصورة، لحظة بلحظة، أمام أعين العالم.

ومع كل مجزرة، ومع كل طفل يُنتشل من تحت الركام، بدأت الضمائر العالمية تُكسر من قيد الصمت. تحوّلت التعاطفات العاطفية العابرة إلى مواقف سياسية واضحة، وتحولت الشعوب من مُشاهدة إلى فاعلة، ومن متعاطفة إلى غاضبة.

مرحلة ما بعد الصدمة: من التعاطف إلى الإدانة

في الأيام الأولى، سادت حالة ارتباك في الرأي العام العالمي، خاصة في الغرب، نتيجة الرواية الصهيونية التي ضجّت بها الفضائيات حول "الهجوم الوحشي لحماس".

لكن المجازر المتواصلة، التي استهدفت المدنيين العُزّل والأطفال والنساء والمستشفيات والمدارس، سرعان ما قلبت الموازين.

علامات التحول:

  • تصاعد الإدانة الشعبية في استطلاعات الرأي الأمريكية والبريطانية، وتراجع تأييد "الرد الإسرائيلي".
  • تراجع فاعلية خطاب "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس"، بعدما تحوّل إلى تبرير مفتوح للإبادة.
  • صعود نبرة الغضب في الإعلام الشعبي والمستقل، مقابل التماهي الرسمي المفضوح مع جرائم الاحتلال.

مشاهد كاشفة: حين سقط القناع نهائيًا

  • مجزرة مستشفى المعمداني في غزة، التي راح ضحيتها المئات، كانت نقطة تحول جذري.
    حتى من كانوا مترددين، بدأوا يصرخون في الشوارع:

    "هذا ليس دفاعًا عن النفس، هذا تطهير عرقي مباشر!"

  • قصف مدارس الأونروا ومراكز الإيواء أثبت للعالم أن الاستهداف كان عشوائيًا وشاملاً.
  • تدمير البنية التحتية الصحية والمائية والكهربائية في غزة حوّلها إلى سجن كبير تحت الأرض، والمشاهد خرجت عن السيطرة.

الجامعات الغربية: من التضامن الرمزي إلى العصيان المدني

مع تصاعد المجازر، لم تعد بيانات الدعم تكفي.

  • حملات اعتصام مفتوحة عمّت الجامعات الأمريكية، وتحوّلت إلى مخيمات مقاومة رمزية داخل الحرم الجامعي.
  • طلاب يرفضون تسليم الأبحاث أو دفع الرسوم تضامنًا مع غزة.
  • في كندا وبريطانيا وألمانيا، شهدنا لأول مرة طلابًا يُطردون أو يُعتقلون بسبب رفع علم فلسطين… لكنهم استمروا.

المفارقة:

كلما ازداد القمع، ازداد الوعي.
كلما حاولت الأنظمة إسكات الرأي العام، عاد أقوى، وأشد صلابة.

في العالم العربي والإسلامي: فلسطين توحّد من جديد

لم يكن الرأي العام العربي أقل صخبًا، بل ربما أكثر صدقًا.

  • مظاهرات مليونية خرجت من المغرب إلى إندونيسيا، رغم التضييق.
  • الجامعات والنقابات والمثقفون انخرطوا في حملات دعم، وكتابة، ومقاطعة.
  • الشعارات تغيّرت: لم تعد "أوقفوا الحرب"، بل أصبحت "افضحوا الاحتلال، اسقطوا التطبيع".

الإعلام العالمي يفقد السيطرة

ورغم محاولات كبرى المؤسسات الإعلامية (مثل CNN وBBC) للتقليل من حجم الجريمة، فإن:

  • مقاطع المجازر التي نشرتها المقاومة وشهود العيان كانت أكثر انتشارًا وتأثيرًا.
  • إعلاميي الغرب أنفسهم بدأوا يخرجون عن النص، وينتقدون الانحياز المفضوح.
  • حملات "أوقفوا الكذب الإعلامي" تصاعدت، وارتفعت المطالب بإقالة إعلاميين كبار يتلاعبون بالحقائق.

الشعوب تنتصر على حكوماتها... في الضمير على الأقل

في مشهد لافت، بدأت الشعوب الغربية والعربية والآسيوية تقول "لسنا مع حكوماتنا".

  • ملايين الرسائل خرجت من المواطنين لحكوماتهم ترفض تواطؤها أو صمتها.
  • عرائض دولية طالبت بوقف تصدير السلاح لإسرائيل.
  • لأول مرة، تُرفع لافتات في شوارع نيويورك وبرلين تقول:

"وقفوا تمويل القتل من ضرائبنا"
"أنقذوا غزة، لا تدعموا الجريمة"

خاتمة: زمن ما بعد المجازر ليس كقبله

لقد غيّرت حرب طوفان الأقصى، وما تلاها من مجازر، موقع القضية الفلسطينية في ضمير العالم.

لم تعد فلسطين قضية الشرق الأوسط فقط، بل أصبحت اختبارًا عالميًا للعدالة والإنسانية.

وبينما تواصل الآلة العسكرية الإسرائيلية القتل، فإن آلة الوعي الشعبي العالمي بدأت تدور بلا توقف.
ولعل هذا الوعي المتراكم، لا الصواريخ وحدها، هو ما يُقلق الاحتلال ومَن وراءه.


وصف الصورة المقترحة:

صورة بانورامية لأطفال غزة تحت الأنقاض، مدموجة مع مشهد لمظاهرة ضخمة في جامعة أمريكية أو شارع أوروبي، حيث ترفرف الأعلام الفلسطينية وتُرفع لافتات تطالب بوقف الإبادة، مع خلفية شعارات بالإنجليزية والعربية تنادي بوقف القصف.

أحدث أقدم
🏠