طوفان الأقصى: ازدواجية المواقف.. حبن انحازت الدول للجلاد وتجاهلت المجزرة

مع اللحظات الأولى لعملية "طوفان الأقصى"، سارعت كبريات الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى إعلان دعمها المطلق لـ"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".

لم تكن أي دولة مؤثرة – باستثناءات هامشية – مهتمة بفهم خلفيات ما حدث، أو السياق الممتد لأكثر من 75 عامًا من الاحتلال والحصار والتهويد.

وبينما كانت صور اختراق حماس للمستوطنات تهزّ العالم، سارعت الدول إلى شيطنة المقاومة الفلسطينية، متجاهلة أن ما جرى كان انفجارًا متأخرًا لبركان من القهر، لا هجومًا عدوانيًا في فراغ.

في البداية: إجماع شبه عالمي على رواية المحتل

عقب 7 أكتوبر، كانت البيانات الرسمية الدولية تكاد تكون نسخة مكررة من خطاب المؤسسة الصهيونية:

  • واشنطن ولندن وباريس وبرلين: تصريحات فورية تدين "الهجوم الإرهابي لحماس"، وتكرر عبارة "الحق المشروع في الدفاع".
  • الاتحاد الأوروبي: بيان موحد يدين حماس دون أي إشارة لحصار غزة أو انتهاكات الاحتلال.
  • الأنظمة العربية المطبّعة: تصريحات خجولة تحمّل "كافة الأطراف" المسؤولية، أو تدعو إلى "ضبط النفس"، في محاولة لحماية علاقاتها مع تل أبيب.

دعم فعلي... لا مجرد خطابات:

  • طائرات شحن أمريكية بدأت تتجه إلى "إسرائيل" خلال أيام، محمّلة بالذخائر والصواريخ.
  • واشنطن أرسلت حاملة طائرات إلى المتوسط "ردعًا لأي تدخل"، بينما كانت غزة تُباد.
  • صفقات طوارئ لإعادة تزويد الاحتلال بذخيرة دقيقة، حتى بعد بدء قصف المدارس والمستشفيات.

حين بدأت غزة تحترق: الصمت أولًا، ثم التبرير

مع بداية المجازر الجماعية في القطاع، ظلت المواقف الرسمية متحجرة:

  • لم تُصدر أمريكا أو بريطانيا أي إدانة صريحة للقصف العشوائي.
  • ظلت الرواية الرسمية هي: "إسرائيل تحاول استعادة رهائنها... وحماس تختبئ بين المدنيين".
  • الدول الغربية الكبرى استخدمت الفيتو المتكرر لإفشال أي قرارات أممية لوقف إطلاق النار.

الأخطر: تواطؤ في تشويه الصورة

  • تضليل إعلامي رسمي مارسته متحدثة البيت الأبيض ووزيرة خارجية ألمانيا ورئيس وزراء كندا، بإعادة سرد ادعاءات إسرائيل حتى بعد تكذيبها (مثل قصة الـ40 رضيعًا).
  • ضغوط على شركات إعلامية ومنصات تواصل اجتماعي لحظر المحتوى الفلسطيني أو تقليل انتشاره.

ومع اشتداد الإبادة: تبدأ الكلفة الأخلاقية

لكن مع تصاعد المجازر، وظهور آلاف الشهادات والصور من غزة، بدأت الشعوب تتحرك.
وهنا، حدث الصدع في الجدار الرسمي.

  • الولايات المتحدة: واجهت احتجاجات داخلية غير مسبوقة، حتى من موظفين في وزارة الخارجية والبيت الأبيض.
  • بريطانيا: خرجت مظاهرات مليونية في لندن، ترفض دعم الحكومة للعدوان.
  • فرنسا وألمانيا: رغم محاولات القمع، شهدت انتقادات حادة من شخصيات إعلامية ومثقفين.

أثر ذلك:

  • بعض الدول اضطرت لتخفيف خطابها، مثل تغيير صيغة الدعم المطلق إلى "ندعو لضبط النفس"، أو الحديث عن "حماية المدنيين".
  • الدعوات إلى هدنة إنسانية بدأت تتسرب في التصريحات بعد شهرين من الحرب.
  • ورغم ذلك، استمرت شحنات السلاح، واستمر الفيتو الأمريكي.

ازدواجية صارخة: من أوكرانيا إلى غزة

في المقارنة بين الموقف الغربي من أوكرانيا والموقف من غزة، برزت الفضيحة الأخلاقية كاملة:

  • حين غزت روسيا أوكرانيا، اعتُبر كل أوكراني يحمل بندقية "مقاومًا من أجل الحرية".
  • حين قاوم الفلسطينيون الاحتلال، وهاجموا مستوطنات داخل أراضيهم التاريخية، وُصفوا بالإرهابيين.

هذا الكيل بمكيالين كشف الكثير من شعارات "الحرية وحقوق الإنسان" التي ترفعها تلك الأنظمة.

الأنظمة العربية: بين الصمت والمراوغة

الأنظمة العربية المطبّعة كانت في موقف حرج:

  • لا تستطيع دعم المقاومة علنًا، لكنها لا تجرؤ على الوقوف ضد الشعوب.
  • فصدرت عنها مواقف باهتة ومزدوجة، لا تُغضب إسرائيل ولا تُحرج أمام الجماهير.

بعض الدول سحبت سفراءها رمزيًا، أو دعت إلى "وقف التصعيد"، دون أن تُسمّي الاحتلال أو تدينه بوضوح.

الخاتمة: من ارتياح مبكر إلى انكشاف كامل

كانت حكومات الغرب والأنظمة التابعة لها تظن أن عملية "طوفان الأقصى" ستتيح لإسرائيل سحق المقاومة في غزة، بموافقة دولية وأخلاقية شبه كاملة.
لكن ما حدث هو العكس:

  • انكشفت جرائم الاحتلال بالصوت والصورة.
  • ارتدّ الرأي العام على الحكومات.
  • وبدلاً من الانتصار، واجهت "إسرائيل" أوسع موجة نزع شرعية أخلاقية في تاريخها.

وربما كان هذا الوعي الشعبي هو أول نصر حقيقي للمقاومة، رغم التضحيات الهائلة التي دفعها الشعب الفلسطيني.


وصف الصورة المقترحة:

صورة تجمع بين علمي إسرائيل والولايات المتحدة فوق صواريخ تُشحن إلى طائرة عسكرية، وخلفها مشهد من غزة تحت القصف والدخان. مع تراكب عناوين صحف غربية تروج رواية الاحتلال في جهة، وتظاهرات شعبية ترفع لافتات “Not in our name” من الجهة الأخرى.

أحدث أقدم
🏠