
القبول الظاهري.. والنية المستترة
الأهداف المعلنة عادةً ما تُصاغ بلغة رفيعة: "تحقيق السلام"، "الدفاع عن القيم"، "الإصلاح"، "حماية الأمن". هي كلمات تُرضي الجمهور، وتُكسب الفعل شرعية أخلاقية، وتُهيّئ العقول لتقبل ما قد يُرفض لولا هذه التبريرات البراقة.
لكن الخطورة الحقيقية تكمن في أن الهدف المعلن، رغم قبوله، ليس سوى غطاء لنية خفية يُبنى عليها واقع مختلف تمامًا. فالذي يُعرض للناس يُستخدم كجسر، أما الذي يُخطط في الخفاء فهو ما يُحدث الأثر الحقيقي.
خديعة التوازن بين الظاهر والخفي
قد لا يكون الهدف المعلن كاذبًا تمامًا، لكنه نادرًا ما يكون هو القصة الكاملة. في كثير من الأحيان، يُستدعى هدف ظاهر لتغطية فعل باطن، وتُضفى على القرار مسحة من الشرعية بينما تدور خلفه ترتيبات لا علاقة لها بما قيل.
هنا تُصبح الخديعة مزدوجة: قبول جماهيري قائم على ظاهر مطمئن، بينما تُدبَّر في الخفاء غايات قد تُحدث شرخًا كبيرًا في الواقع أو القيم.
حين يُغلف الخطر بثوب الفضيلة
في كل مجال، من السياسة إلى الإعلام، ومن الدين إلى الاقتصاد، يظهر الهدف المعلن كقيمة نبيلة تُطمئن الجمهور وتمنحه سببًا للقبول. لكن خلف هذا الثوب المنمق، يتحرك هدف خفي، غالبًا ما يكون أكثر خطورة، وأشد تأثيرًا.
الخطورة لا تكمن في التصريح العلني، بل في ما يُبنى في الخفاء: قرارات تُتخذ، وواقع يُشكّل، ومسارات تُرسم بناءً على ما لم يُقَل.
استعادة الوعي
في زمن تتسارع فيه الرسائل وتتعدد فيه المنابر، الوعي ليس ترفًا، بل ضرورة. التمييز بين ما يُقال وما يُراد، بين ما يُعلن وما يُخفى، هو الخطوة الأولى نحو فهم أعمق للعالم، ونحو قدرة حقيقية على اتخاذ موقف.
ولذلك، فإن كشف الفجوة بين المعلن والخفي ليس فقط تمرينًا فكريًا، بل هو فعل مقاومة ضد التلاعب بالعقول، واسترداد للحق في الفهم والقرار.
. . . في العمق يتجلى الفرق . . .
