كلاب الحراسة: حين يُؤمن الكلب أن بقاءه في عضّ الآخرين

في المزارع الحديثة، لم يعد السيد بحاجة إلى الوقوف أمام باب الحظيرة بالسوط.

لقد درّب كلابًا تقوم بالمهمة نيابة عنه.
لا تطرح أسئلة. لا تهمها الحقيقة.
يكفيها أن ترى أحدًا يتحرك خارج الصف… فتنقضّ عليه.

الكلب الحارس لا يخون سيده... بل يهاجم من يسأل "أين السيد؟"

ليس كل القامعين يلبسون البزّات.
بعضهم يحمل شهادة دكتوراه.
بعضهم يكتب في الصحف.
بعضهم يخطب في المساجد أو يغرّد في وسائل التواصل.

لكن المشترك بينهم: أنهم لا يحرسون الحقيقة، بل يحرسون "السلطة".
ولا ينهشون الظالم، بل ينهشون من يفضح الظلم.

صنف خاص من "النخبة": حين تنقلب الثقافة إلى عُواء

الكلب الحارس في رمزية هذا المقال ليس حيوانًا… بل شخصًا اختار أن يكون كذلك.
إنه المثقف الذي يبرر القمع، والإعلامي الذي يشكّك في الضحية، والأكاديمي الذي يفسّر الطغيان كحكمة سياسية.

هم لا يخافون من الحقيقة… بل يكرهونها.
لأن وجودهم مرهون ببقاء الكذبة.
وولاؤهم ليس للمجتمع… بل للقفص الذي يُطعمهم.

في اللحظة التي ينهض فيها أحدهم… تنهشهم الأفواه المثقفة

جرب أن تقول: "هذا ظلم".
وسوف تسمع العواء: "من أنت لتتكلم؟"
"هل أنت خبير؟"
"هل تفهم أكثر من الحكومة؟"

جرب أن تتضامن مع ضحية…
وسيأتيك نباحهم: "لكل قصة وجهان"
"لا تستعجل الحكم"
"ربما هو من استفز الشرطي"
"لا تكن عاطفيًا"

من هم الكلاب الحارسة؟

  • المحلل السياسي الذي يظهر دائمًا ليُبرّر قمع السلطة بذريعة "أمن الدولة".
  • المثقف الليبرالي الذي يهاجم الإسلاميين لا من أجل الحرية… بل من أجل استئصال خصم النظام.
  • الداعية الرسمي الذي يحرّم الثورة ويحلّل الاستبداد، لأن ولي الأمر "أدرى".
  • الصحفي المأجور الذي يحرّض على كل صوت حر ويتهمه بالفتنة أو العمالة.

عضّ الآخرين صار وسيلة للبقاء

الكلب الحارس لا يهاجم لأنه مقتنع… بل لأنه يعلم أنه إن لم يعُضّ، سيُؤكَل.
لذا فهو يهاجم كي يُظهر ولاءه.
كي يبقى في مكانه.
كي لا يُلقى خارج السياج.

هو لا يدافع عن السلطة حبًا بها… بل خوفًا من فقدان مكافأته.
لا يهاجم الأحرار لأنهم أخطأوا… بل لأنه لا يحتمل أن يراهم أحرارًا وهو مربّط السلسلة.

ليسوا جهّالًا… بل متواطئون

الخنزير الناطق قد يكون ضحية غسل دماغ.
أما الكلب الحارس، فهو يعرف تمامًا ما يفعل.
هو لا يجهل، بل يتجاهل.
لأن الجهل له علاج، أما التواطؤ… فداء.

الوعي لا يُهزم بالرصاص… بل بالكلاب المدربة

الرصاصة قد تقتل شخصًا.
أما الكلاب الحارسة… فتقتل الفكرة.
تخيف الناس من التعاطف، تُشوه الضحية، وتمنح القاتل غطاءً من التحليل والشرعية.

هذه هي وظيفتهم:
عضّ أي فم يحاول أن ينطق بالحقيقة.

الخاتمة: حين تتحوّل النخبة إلى حرّاس السجن

الكلاب الحارسة هي جدار الصمت الذي بُني في عقول الناس، لا حول السجون.

لكن جدارهم ليس من حجر…
بل من عواء.

والعواء مهما علا… لا يغيّر الحقيقة.

أحدث أقدم
🏠