
اليوم، اليوم الإثنين 9 يونيو 2025، انطلقت من تونس قافلة برية مغاربية نحو معبر رفح، تحمل في شرايينها نبض شعوب خمسة أقطار مغاربية، أرادت أن تقول: لسنا أسرى الصمت، ولسنا شركاء في الجريمة.
هذه القافلة، وإن كانت في ظاهرها مركبات محملة بالدواء والغذاء، إلا أنها في جوهرها قافلة رمزية لكسر الحصار المعنوي قبل المادي.
فالحصار ليس فقط ما يحيط بغزة من أسلاك وجدران، بل هو ذلك الصمت العربي المخجل، وتلك التواطؤات الناعمة باسم «الواقعية السياسية»، وذلك الإعلام الذي يقتل الضحية مرة أخرى حين يصمت أو يبرّر للمجرم.
لماذا هذه القافلة مهمة؟
لأنها تخرج من عمق مغرب عربي طالما تم تجاهل نبضه في سرديات المشرق السياسي.
لأنها تقول إن المغرب الكبير ليس معزولًا عن القضية، بل هو حاضرٌ بأطفاله وشيوخه، بحنجرات نسائه، وبذاكرته التي لم تنسِه صبرا وشاتيلا، ولا انتفاضات الحجر، ولا غزة وهي تُقصف تحت ستار الشرعية الدولية.
القافلة ليست مجرد دعم.. إنها إدانة مزدوجة
هي إدانة للعدوان، لكنها أيضًا إدانة للذين أغلقوا المعابر، وتركوا جرحى غزة ينزفون في صمت.
هي فضح للحدود التي رُسمت منذ سايكس-بيكو كي لا يمرّ منها سوى الغاز والقمح والبضائع، لا الإنسان، ولا الحرية، ولا الوجدان.
حين تتقدم الشعوب... تتأخر الأنظمة
إنها مفارقة مدهشة أن تتحرك قوافل من آلاف الكيلومترات لتصل إلى معبر رفح، بينما تتجمد بعض العواصم على بعد أمتار من غزة.
هذا التحرك الشعبي هو مؤشر على أن القضية الفلسطينية لم تمت، لكنها غُيبت.
وأن الأمة ما زالت حية، لكنها تحتاج لمن ينفض عنها ركام الإعلام والخذلان.
لنقلها بوضوح:
غزة لا تحتاج فقط إلى دواء... بل إلى كسر هذا الجدار الصامت حولها.
وهذه القافلة تقول إن الشعوب ما زالت قادرة على الحفر في جدار الصمت، حتى لو بقبضةٍ عارية.