السويد: نموذج الرفاه أم معمل التجريب الاجتماعي والسيطرة الناعمة؟

تتربّع السويد على رأس قوائم "أفضل دول العالم" في التعليم، الصحة، الرفاه، وحقوق الإنسان.

تُقدَّم كنموذج إنساني يُحتذى به، ودولة محايدة لا تنخرط في حروب ولا صراعات، بل تسهم في حفظ السلام.
لكن هذا النموذج الهادئ يخفي خلفه منظومةً معقّدة من السيطرة الثقافية، والتدخل في نسيج الأسر، وتطويع العقول تحت شعارات ناعمة ومصطلحات إنسانية براقة.

الخطاب المعلن

تتباهى السويد بنظامها الاجتماعي الذي يحمي الطفل، ويمنع العنف الأسري، ويكافح العنصرية، ويضمن الحريات الفردية.
كما تروّج لنفسها كوسيط إنساني وفاعل مستقل لا يتبع للأقطاب العالمية، وتتبنّى مبادرات دولية للبيئة والمساواة والتعليم.

الجانب المظلم

رغم الواجهة الناصعة، فإن السويد تشهد ممارسات سلطوية ناعمة، لا سيما في ملف اختطاف الأطفال من أسرهم، خاصة من أصول مهاجرة، بذريعة حماية الطفل، بينما يُحرَم الأهل من دورهم التربوي والثقافي.

  • خطف الأطفال باسم الحماية (Socialtjänsten)
    السلطات السويدية تملك صلاحيات واسعة لسحب الأطفال من أسرهم، بزعم الإهمال أو العنف أو التربية غير "الملائمة"، وقد طالت هذه السياسة آلاف العائلات، خصوصًا من المسلمين والمهاجرين.
    الطفل يُؤخذ قسرًا ويُوضع في بيئة غريبة ثقافيًا، ويُمنع من التواصل مع أسرته، دون تحقيق قضائي فعلي، ودون حق الأسرة في الاستئناف المجدي.
    هذا ليس نظام حماية، بل هندسة ثقافية تُفرّغ الطفل من هويته الأصلية تحت مسمّى "الإنقاذ".

  • نموذج حياد مزعوم في السياسة الدولية
    رغم ادعاء الحياد، فإن السويد منضوية ضمن المنظومة الغربية اقتصاديًا وأيديولوجيًا، وتدعم العقوبات الغربية، وتروّج لسرديات الغرب الحقوقية، وتغضّ الطرف عن جرائم الاحتلالات أو التدخلات العسكرية إن صدرت من "الحلفاء".
    دورها في دعم المشاريع الناعمة في الشرق الأوسط وإفريقيا ليس بريئًا، بل هو جزء من إعادة إنتاج الهيمنة الغربية.

  • التحكم في الوعي عبر التعليم والإعلام
    النظام التعليمي السويدي يُقدَّم كنموذج عالمي، لكنه في العمق يمارس هيمنة أيديولوجية تحت غطاء "التفكير النقدي"، حيث تُفرض رؤى مادية غربية حول الأسرة، الدين، الجندر، والهوية، وتُغيب الهويات الثقافية غير الغربية باعتبارها "إرثًا قابلاً للتجاوز".
    أما الإعلام السويدي، فيلعب دورًا محوريًا في ترسيخ هذه السردية وتزيين القرارات القمعية (كقضية الأطفال) تحت شعارات "المصلحة الفضلى للطفل".

  • العنصرية الصامتة ضد المهاجرين
    رغم حديثها المتكرر عن الاندماج، تواجه السويد موجات متصاعدة من العنصرية المبطّنة تجاه المسلمين والمهاجرين، تتمثل في التضييق القانوني، ونزع الأطفال، وتصوير الثقافات غير الغربية كمشكلة تهدد "النموذج السويدي".
    الاندماج هنا لا يعني العيش المشترك، بل الذوبان الكامل في القيم الغربية، مهما خالفت هوية الأسر الأصلية.

تطوير وعي نقدي: من التسامح إلى التحكم المقنّع

ما يُقدَّم كدولة إنسانية مثالية، يتحوّل عند الفحص النقدي إلى نظام تحكُّم اجتماعي مغلّف بالأخلاق، يفرض على الآخرين التخلي عن أنماطهم الثقافية والدينية والهوياتية بحجة الرفاه.
والأخطر أن أدوات هذا التحكم ليست الجيش أو الشرطة، بل المؤسسات الاجتماعية، والتعليم، والإعلام، وقوانين "حماية الطفل" التي تُستخدم لاقتلاع الأجيال الجديدة من جذورها.

خاتمة تحليلية

السويد ليست مجرد مملكة الثلوج والسلام والعدالة، بل هي أيضًا مختبر تجريب اجتماعي يُفرَض على الآخرين بقوالب جاهزة، ويتدخل في تفاصيل الأسر والوعي والهوية تحت شعارات براقة.
ولا يمكن قراءة التجربة السويدية بمعزل عن منظومة السيطرة الغربية الأوسع، حيث تتوزع الأدوار بين من يقصف، ومن "يربّي" ضحايا القصف على القيم الصحيحة!

أحدث أقدم
🏠