
الخارجية، خصوصًا في ما يتعلق بفلسطين. هذه السردية تبدو جذّابة لعقل يبحث عن تفسير بسيط، لكنها في حقيقتها خرافة مريحة تبرئ أمريكا من مسؤوليتها المباشرة عن الجرائم المستمرة في المنطقة.
اللوبي ليس دولة فوق الدولة
من الخطأ اختزال السياسة الأمريكية إلى مجرد ابتزاز من جماعات ضغط. النظام الأمريكي صُمِّم ليكون قائمًا على التمويل الخاص، والإعلام التجاري، والضغط الجماعي من الشركات واللوبيات. اللوبي الصهيوني ليس قوة خارقة تتحكم بالدولة، بل هو أداة من داخل المنظومة نفسها، تخدم المصالح الاستراتيجية الأمريكية وتُترجمها على مستوى الداخل السياسي.
إسرائيل مشروع أمريكي أصيل
أمريكا لم تتعرض لفرض إسرائيل عليها، بل هي التي رعتها منذ البداية. إسرائيل وُجدت كـ"مشروع استعماري وظيفي" ليكون ذراعًا متقدمة لحماية المصالح الغربية في قلب العالم العربي. لذلك، فإن الأولوية الصهيونية ليست انحرافًا في السياسة الأمريكية، بل جزء من بنيتها الأصلية.
اللوبي كواجهة للقرار الإمبراطوري
ما يفعله اللوبي هو تثبيت هذا الخيار الاستراتيجي في الداخل الأمريكي، عبر الإعلام والتمويل والضغط السياسي، بحيث لا يستطيع أي رئيس أو حزب أن يخرج عن الخط المرسوم. لكنه لا يخلق السياسة من العدم، بل يعمل كـ واجهة منظمة للقرار الذي وُضع منذ عقود في العقل الإمبراطوري الأمريكي.

وهم التبرئة
حين يُقال إن أمريكا "خاضعة للوبي"، يصبح من السهل إعفاءها من مسؤولية الإبادة والحروب، وكأنها مجرد ضحية. لكن الواقع أن واشنطن شريك كامل، والدم الفلسطيني يُراق بسلاح أمريكي، وبقرار أمريكي، وبتغطية أمريكية، لا بضغط مفروض عليها من قوة أجنبية.
الخلاصة
اللوبي الصهيوني ليس سيدًا فوق أمريكا، بل أداة ضمن مشروعها الإمبراطوري. إسرائيل لم تُفرض على الولايات المتحدة، بل صُمِّمت لتكون ذراعها. وأي خطاب يُصوّر واشنطن كضحية ابتزاز إنما يُعيد إنتاج الوهم، ويُضلّل الوعي عن الفاعل الحقيقي: أمريكا نفسها.