مقدمة:
غزة والاستراتيجية الأمريكية:
ليست حرب غزة مجرد حدث دموي آخر في الشرق الأوسط، بل هي عدسة مكبّرة تكشف جوهر السياسة الأمريكية وحدود النظام الدولي القائم. فمن خلال هذا العدوان، ظهرت واشنطن على حقيقتها: دولة لا تتردد في دعم الإبادة الجماعية، لأنها لا تراها انحرافًا عن قيمها، بل امتدادًا طبيعيًا لاستراتيجيتها الإمبراطورية.
تهدف هذه السلسلة إلى تفكيك المستويات المختلفة لهذا المشهد:
في الجزء الأول، نتناول دوافع الولايات المتحدة المباشرة وإصرارها على استمرار الحرب، من زاوية المصالح الاستراتيجية، وحسابات الداخل السياسي، واقتصاد الحرب.
أما الجزء الثاني، فننظر إلى غزة كمرآة للنظام الدولي كله، حيث يظهر التصدع في الهيمنة الأمريكية، وصعود خطاب عالمي بديل، وتعرية "القوة الناعمة" التي طالما تغنت بها واشنطن.
إن فهم ما يجري في غزة يتجاوز حدود التغطية الإخبارية العاجلة. نحن أمام حدث مفصلي يكشف طبيعة السياسة الأمريكية ويعرّي النظام الدولي بأسره. لذلك، ندعو القارئ إلى متابعة الجزأين القادمين من هذه السلسلة:
الجزء الأول: لماذا تصر أمريكا على حرب الإبادة في غزة؟
الجزء الثاني: غزة كمرآة: ما الذي تكشفه الحرب عن مستقبل النظام الدولي؟
فالوعي بهذه الحقائق ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة لفهم موقعنا في عالم يُعاد تشكيله تحت دخان المجازر وصراع القوى الكبرى.