الحملة الصليبية الثانية (1147 – 1149) : من صدمة الرُها إلى انكسار الغرب

جاءت الحملة الصليبية الثانية كردّ فعل مباشر على سقوط "الرُها"، أولى الإمارات الصليبية في الشرق، بيد القائد المسلم عماد الدين زنكي عام 1144. كانت تلك الهزيمة مفاجئة لأوروبا، لأنها أنهت وهم الاستقرار الصليبي في الشرق، وأظهرت أن مشروع الاحتلال قابل للانكسار. ومع أن البابا أطلق نداءً جديدًا، وحشدت أوروبا ملكين كبيرين للحملة، إلا أن الانقسامات الداخلية وسوء التخطيط، والتغيرات السياسية في الشرق، أفشلتها فشلًا ذريعًا.

1. مدة البقاء

امتدت الحملة من عام 1147 حتى 1149، وانتهت بهزيمة كاملة، دون أي مكاسب استراتيجية. ورغم أنها لم تُسقط دولة صليبية، إلا أنها أضعفت الروح المعنوية في أوروبا، ومهّدت لنهضة إسلامية لاحقة بقيادة صلاح الدين الأيوبي.

2. أبرز القادة في الحملة

  • لويس السابع (ملك فرنسا)
  • كونراد الثالث (ملك ألمانيا)
  • ريموند الثاني (أمير طرابلس)
  • بلدوين الثالث (ملك القدس)
  • برنارد من كليرفو (الداعي الديني والمحرّض الرئيسي)

3. السبب المعلن

الثأر لسقوط مدينة الرُها "المقدسة" وإعادة السيطرة عليها، ونصرة الوجود المسيحي المهدد في الشرق.

4. السبب الحقيقي

الحفاظ على المصالح الغربية الاستعمارية في بلاد الشام، والتوسع في السيطرة على الموانئ والسواحل الشرقية، خاصة بعد ظهور خطر الزنكيين، ومحاولة إنعاش المشروع الصليبي الذي بدأ يضعف.

5. أهم الأحداث العامة

  • فشل القوات الألمانية في الأناضول بعد تعرضها لهزائم من السلاجقة
  • انضمام الفرنسيين ونجاتهم بصعوبة إلى بلاد الشام
  • تغيير وجهة الحملة من الرُها إلى دمشق
  • حصار دمشق الفاشل عام 1148 الذي شكل ضربة قاصمة لهيبة الحملة
  • انسحاب مهين للملكَين الأوروبيَين وعودة الجيوش بلا إنجاز

6. أهم الأحداث العسكرية والسياسية

  • انتصار السلاجقة بقيادة مسعود الأول على الجيش الألماني قرب دوريليوم
  • تصدي الزنكيين لمحاولة استعادة الرُها
  • تحالف غير متين بين قادة الصليبيين المحليين والملوك الأوروبيين
  • قرار خاطئ بتحويل الحملة إلى حصار دمشق، رغم أنها كانت تحت حكم محايد نسبيًا
  • فشل الحصار بعد أيام قليلة بسبب صلابة الدفاعات وتفكك الحملة داخليًا

7. أبرز القادة المسلمين في العصر

  • نور الدين محمود زنكي: ابن عماد الدين زنكي، ووريث مشروع الجهاد ضد الصليبيين، وكان حينها حاكمًا لحلب.
  • معين الدين أنر: حاكم دمشق، تصدى للحصار الصليبي على المدينة وأثبت كفاءة دفاعية عالية.
  • مسعود الأول: سلطان سلاجقة الروم، ألحق بالجيش الألماني هزيمة قاسية في الأناضول.
  • وقد بدأ في هذا العصر تشكل رؤية "تحريرية" أكثر وعيًا واندماجًا بين القوى الإسلامية، وتهيئة الأرض لمشروع صلاح الدين لاحقًا.

8. أبرز الملوك والحكّام من جانب الحملة

  • لويس السابع: ملك فرنسا، تميز بالحماسة الدينية، لكنه فشل عسكريًا فشلًا ذريعًا.
  • كونراد الثالث: ملك ألمانيا، هُزم سريعًا، وقاد حملته بتهور دون تنسيق مع الفرنسيين.
  • بلدوين الثالث: ملك مملكة القدس اللاتينية، سعى لاستثمار الحملة لصالحه، لكنه فشل في توجيهها.
  • ريموند الثاني: أمير طرابلس، شارك في التخطيط لحصار دمشق.
  • البابا إيجين الثالث: أطلق نداء الحملة، وأوكل الدعوة الدينية إلى الراهب برنارد من كليرفو.

9. النهاية والخروج

انتهت الحملة الصليبية الثانية بهزيمة كاملة في حصار دمشق عام 1148، مما أدى إلى انسحاب لويس وكونراد، وعودة الجيوش الأوروبية بخسائر فادحة، دون تحقيق أي هدف. وبقيت الرُها بيد المسلمين، فيما ضعفت الثقة بين الممالك الصليبية المحلية وحلفائها الأوروبيين.

الخاتمة التحليلية

كشفت الحملة الصليبية الثانية عن عمق الارتباك السياسي والاستراتيجي في الغرب، وأظهرت بداية صعود الوعي الإسلامي في مواجهة المشروع الصليبي. لم تكن الهزيمة فقط عسكرية، بل أيديولوجية، حيث انكسر وهم التفوق الديني والعسكري الأوروبي. كما ساهمت هذه الحملة الفاشلة في تعزيز موقع زنكي وحلفائه، ووضع الأسس لانبعاث المشروع الأيوبي على يد صلاح الدين. لقد أثبتت أن الحماس الديني دون مشروع سياسي متماسك يؤدي إلى الفشل، وأن تفكك الخصم يمنح أعداءه وقتًا كافيًا للتنظيم والاستعداد.


وصف الصورة المقترحة

لوحة درامية تُظهر خيام الجيش الصليبي خارج أسوار دمشق، الفرسان الأوروبيون يتجادلون في المقدمة، والجنود يبدون في حالة إنهاك وتردد، بينما تُرى مآذن دمشق في الخلفية، شامخة وصامدة، وسط سماء متلبدة بالغيوم، ترمز للهزيمة والخذلان.

أحدث أقدم
🏠