قطيع الأغنام: الطاعة الآلية في مجتمعات مغسولة الدماغ

في المزرعة، ليست المشكلة في السور…

بل في الأغنام التي لا تفكر في القفز.
لا لأنها لا تقدر، بل لأنها تؤمن أن البقاء في القطيع... نجاة.

حين تتحول الطاعة إلى عقيدة

الغنم لا يعترض. لا يسأل. لا يناقش.
يسير في الصف، يتبع الذي أمامه، وينتظر من يقرر له متى يأكل… ومتى يُذبح.

في المجتمعات التي صُنعت لتطيع،
تُغرس الطاعة منذ الطفولة على أنها فضيلة، ويُربّى الناس على أن التفكير خطر، وأن النقاش وقاحة.

الغنم لا يولد غنمًا… بل يُربّى على ذلك

ليس الإنسان غبيًا بطبعه.
لكن أنظمة الاستبداد تعرف كيف تُنتج الغباء على نطاق واسع.
عبر التعليم، الإعلام، والدين الرسمي، تُمسخ القدرة على السؤال.

يتخرج التلميذ وقد تعلم كيف يكرر لا كيف يفهم.
يقرأ الجريدة كل صباح كي يعرف ما يفكر به.
يصلي في المسجد حيث يُلقَّن الدعاء للسلطان… ثم يعود ليدعو على الظالم في سره!

صناعة القطيع تبدأ من المناهج

  • التعليم لا يعلّم التفكير، بل الانضباط.
  • الكتب لا تُطرح للنقاش، بل للحفظ.
  • المعلم ليس ميسّرًا للمعرفة، بل مرشد سلوك.

بهذا، يخرج الطفل وهو يظن أن التمرد على الخطأ… خطيئة،
وأن مخالفة الصف… هي خروج على الجماعة.

القطيع يحمي القيد… لا يكسره

إذا حاول أحدهم أن يفكر، يتكلم، يحتج…
لا تهرع السلطة لقمعه أولًا،
بل يقوم القطيع بالمهمة نيابة عنها:

  • "لا تخرج عن الجماعة"
  • "لماذا تثير الفتنة؟"
  • "أنت تظن نفسك أفهم من الجميع؟"

الغريب أن الغنم لا يحب الغنم الذي فكر بالخروج.
ليس لأنه أخطأ… بل لأنه كشف الحقيقة التي لا يريدون مواجهتها: أننا لسنا أحرارًا.

في المزرعة، التفكير خيانة

التفكير جريمة في منطق القطيع.
ليس لأن الفكر يؤذي، بل لأنه يُربك النظام.
لأن السؤال يعني أن الطريق قد لا يكون مقدّسًا…
وأن الزعيم قد لا يكون نبيًا.

الطاعة الزائفة هي قشرة خوف

الأغنام لا تطيع حبًا بالقائد.
بل لأنها تظن أن الخروج عليه يعني الهلاك.
وهذا هو أخطر ما تفعله الأنظمة:
تُقنع الناس أن الحظيرة آمنة، وأن كل من خرج… أكله الذئب.

حين يُقنع القيد نفسه أنه أمان

أخطر أنواع العبودية ليست التي تُفرض على الجسد،
بل التي تُزرع في العقل حتى يصبح السجن وطنًا، والسلاسل أساور طاعة.

ليست المشكلة في الراعي… بل في صمت القطيع

الاستبداد لا يعيش بالقوة وحدها، بل بالخوف الجماعي.
بأن يظن كل واحد أن الآخر سيبقى صامتًا، فيصمت.
وبهذا، يصبح الصمت قرارًا جماعيًا لا يحتاج إلى قمع… بل إلى تواطؤ داخلي.

الخاتمة: الوعي يبدأ حين تسأل… لماذا نسير في الصف؟

ليس المطلوب أن تصرخ في القطيع…
بل أن تلتفت وتسأل:
هل هذا الطريق حقًا يقودنا إلى النجاة؟
أم إلى الذبح؟

أحدث أقدم
🏠