تُعد الصومال واحدة من أكثر الدول التي عانت من حروب أهلية متواصلة وتفكك سياسي على مدى عقود، ما أدى إلى انهيار الدولة وفقدان السيطرة على معظم أراضيها.
هذه الحروب ليست مجرد نزاعات مسلحة، بل مآسٍ إنسانية عميقة تركت ملايين الصوماليين يعانون من التشرد والفقر والأمية.
كيف وصلت الصومال إلى هذا الحال؟
ومن يقف وراء استمرار النزاعات؟
وهل يمكن للصومال أن تنهض من تحت الأنقاض؟
سرد الحدث: من الوحدة إلى التفكك
استقلت الصومال في عام 1960 بعد دمج إقليمين كانا تحت الانتداب البريطاني والإيطالي، لكنها سرعان ما غرقت في أزمات سياسية وعسكرية.
في 1991، سقط نظام الرئيس محمد سياد بري بعد انقلاب وحروب داخلية، مما أدى إلى تفكك الدولة واندلاع حروب بين الميليشيات العشائرية والجماعات المسلحة.
البلاد انقسمت بين مناطق تحت سيطرة حكومات محلية، ميليشيات، وحركات انفصالية، خاصة في شمال الصومال (صوماليلاند) وجنوبها.
الهدف: هل الحروب مفتعلة؟
تُشير تحليلات إلى أن الحرب الأهلية في الصومال ليست مجرد صراع داخلي عشوائي، بل هناك مصالح إقليمية ودولية تستغل الفراغ لتوسيع النفوذ.
التنافس بين الدول المجاورة مثل إثيوبيا وكينيا، فضلاً عن تدخلات القوى الكبرى، زاد من تعقيد الأزمة.
المستفيدون هم بعض القادة المحليين والميليشيات التي تستغل الفوضى للسيطرة على الموارد والمساعدات.
خلفيات الحدث: ضعف الدولة والتوترات القبلية
الصومال بلد متعدد العشائر والقبائل، وكانت محاولات بناء دولة مركزية تواجه صعوبات كبيرة بسبب الخلافات العرقية والقبلية.
الفساد، ضعف المؤسسات، وانعدام الخدمات الأساسية ساهمت في فقدان الثقة بالدولة.
الأزمات الاقتصادية والجفاف تفاقمت وسط الصراعات المسلحة.
ماكينة الحرب: الميليشيات والجماعات المتطرفة
برزت ميليشيات محلية تقاتل من أجل النفوذ والسيطرة على الأراضي.
في العقد الأخير، ظهرت حركة الشباب الصومالية، تنظيم متطرف ذو ارتباطات بالقاعدة، يستخدم العنف والتفجيرات لفرض سيطرته.
القتال بين هذه الفصائل أدى إلى نزوح جماعي وعنف موجه ضد المدنيين.
الأطراف المتورطة: صراع إقليمي ودولي معقد
إثيوبيا وكينيا تدخلتا عسكريًا بشكل مباشر أو غير مباشر في الصومال، بحجة مكافحة الإرهاب وحماية مصالحهما.
الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي أطلقا بعثات حفظ سلام، لكنها لم تنجح في تحقيق استقرار دائم.
القوى الدولية تدعم حكومات صومالية متباينة في مواجهة الميليشيات، مما زاد من تعقيد المشهد.
الحصيلة: مأساة إنسانية بلا نهاية
مئات الآلاف قتلوا في الحروب، وملايين نزحوا داخليًا وخارجيًا.
البنية التحتية مدمرة، والخدمات الأساسية مفقودة أو ضعيفة للغاية.
الفقر، الأمية، وانعدام الأمن الغذائي تشكل تهديدًا مستمرًا للسكان.
دفن الحقيقة: غياب العدالة وتجاهل المعاناة
الصراعات التي تهدد الأمن الإقليمي والدولي لا تحظى باهتمام كافٍ في الإعلام الدولي.
الضحايا المدنيون لا يجدون صوتًا مسموعًا، والجرائم المرتكبة تبقى بلا محاسبة.
التقارير الإنسانية تتحدث عن معاناة متزايدة دون حلول فعالة.
خاتمة: الصومال بين مأساة الحاضر وأمل المستقبل
على الرغم من كل الصعوبات، هناك محاولات لإعادة بناء الدولة وتحقيق السلام من خلال الحوار الوطني ودعم المجتمع الدولي.
لكن النجاح يحتاج إلى إرادة وطنية حقيقية وتعاون إقليمي صادق، مع وضع حد للتدخلات الخارجية المتضاربة.
هل سيكون للصومال مستقبل أفضل أم ستظل هذه الحلقة المفرغة من الحروب تقتل أحلام شعبها؟
سلسلة: الكوارث العربية الكبرى