تاريخ الخلافة والحكم الإسلامي: الخلافة العباسية - من أبي العباس السفاح إلى المستعصم بالله (132هـ - 656هـ) والخلافة الرمزية في القاهرة (659هـ - 923هـ)


الدولة العباسية: من الثورة إلى الانهيار

التأسيس والثورة (132هـ / 750م)

قامت الدولة العباسية على أنقاض الدولة الأموية، إثر ثورة شعبية كبرى انطلقت من خراسان، بقيادة أبو مسلم الخراساني، ورفعت شعار "الرضا من آل محمد"، مستثمرة نقمة الشيعة والموالي على بني أمية. كان قادة الثورة يدّعون نصرة أهل البيت، لكن سرعان ما استحوذ آل العباس على الحكم، وهم من نسل عمّ النبي، ليؤسسوا خلافتهم سنة 132هـ / 750م.

أول خلفاء بني العباس كان أبو العباس السفاح، الذي بدأ حكمه بانتقام واسع من الأمويين، فقتل الكثير منهم، وكثّف البطش لتثبيت الحكم.

عصر القوة والازدهار (132–232هـ / 750–847م)

أبو جعفر المنصور (136–158هـ)

هو المؤسس الفعلي للدولة العباسية. قضى على تمردات عديدة، وقام بقتل أبو مسلم نفسه تخوفًا من نفوذه. أسس مدينة بغداد سنة 145هـ وجعلها عاصمة الدولة، ما منحها بعدًا حضاريًا عظيمًا. كما بدأ بنظام مركزي إداري متماسك.

هارون الرشيد (170–193هـ)

بلغت الدولة العباسية في عهده أوج مجدها. انتعشت العلوم والفنون، وتوسعت حركة الترجمة، وازدهرت التجارة، وتوسعت الدولة حتى صارت من أعظم إمبراطوريات الأرض. وكان يتبادل الرسائل والهدايا مع شارلمان ملك الفرنجة، في دلالة على مكانة الخلافة.

المأمون (198–218هـ)

كان مثقفًا عظيمًا، شجع الفلسفة والعلم، وأنشأ بيت الحكمة في بغداد، واحتضن علماء من مختلف الأديان. لكنه تبنّى فكر المعتزلة، وفرض القول بخلق القرآن، مما أدى إلى فتنة خلق القرآن واضطهاد العلماء مثل الإمام أحمد بن حنبل، ما أحدث شرخًا بين الدولة والعلماء.

بدايات الضعف والانقسام (232–334هـ)

مع موت الواثق وتولية المتوكل، بدأت ملامح الانحدار:

  • الموالي الأتراك الذين أدخلهم الخلفاء كجنود تحوّلوا إلى قوة نافذة داخل القصر.
  • أصبح الخليفة أداة بيد قادة الجيش، وبدأ عصر الضعف التدريجي المعروف بـ"عصر الحجاب".
  • بدأت الدويلات المستقلة في الظهور، مثل الطولونيين والفاطميين والأغالبة، ولم تعد الخلافة تسيطر إلا على العراق وأجزاء من الشام.

التفكك وفقدان السيطرة (334–656هـ)

  • ظهر البويهيون في القرن الرابع الهجري (10م)، وهم شيعة، وسيطروا على بغداد، وتركوا للخليفة العباسي اسم الخلافة فقط، دون سلطات حقيقية.
  • ثم جاء السلاجقة السنّة في القرن الخامس الهجري، وفرضوا حمايتهم على الخليفة، واستمر هذا الوضع لعقود.
  • تفككت الدولة فعليًا إلى دويلات متنازعة، مثل الزنكيين، الحمدانيين، الفاطميين (الذين أقاموا خلافة شيعية منافسة في مصر)، والأيوبيين.
  • أضعف هذا الانقسام هيبة الخلافة، وجرّ عليها الطامعين والغزاة من كل جهة.

السقوط على يد المغول (656هـ / 1258م)

في عام 656هـ، زحف هولاكو، حفيد جنكيز خان، على بغداد، بعد أن أسقط مدنًا كثيرة في خراسان وبلاد فارس.

  • حاصر المغول بغداد، وكان الخليفة وقتها المستعصم بالله ضعيفًا مترددًا، ففشل في صد الغزو.
  • اقتُحمت المدينة، وقُتل الخليفة، وأُبيد عشرات الآلاف من سكانها، ودُمّرت المكتبات، وأُحرقت كنوز الحضارة الإسلامية.
  • شكّل هذا الحدث نهاية الدولة العباسية في بغداد، ونهاية الخلافة الفعلية.

الخلافة العباسية في القاهرة (1261–1517م)

بعد سقوط بغداد، نقل المماليك في مصر بقايا الأسرة العباسية، وأعلنوا خلافة رمزية في القاهرة سنة 1261م، استخدموها كغطاء ديني لحكمهم، لكن لم تكن لها سلطة سياسية.

استمرت هذه الخلافة الشكلية حتى سقوط المماليك على يد العثمانيين في 1517م، فانتقلت رمزية الخلافة إلى العثمانيين، وبهذا انتهى تمامًا العصر العباسي.

خلاصة

امتدت الدولة العباسية أكثر من خمسة قرون، لكن قوتها الحقيقية لم تدم سوى قرنين. تميزت بفترات من الازدهار الثقافي والعلمي لم تعرفها أمة من قبل، وكان لبغداد مكانة مركزية في العالم الإسلامي. غير أن مركزية الحكم ومعارك النفوذ الداخلية، وفساد البلاط، وضعف الخلفاء في مراحل لاحقة، أدت إلى تفتت الدولة وسقوطها على يد المغول. ورغم استمرار الخلافة العباسية في القاهرة شكلًا، فإن زوال الخلافة الفعلية من بغداد شكّل نهاية حقبة كبرى في التاريخ الإسلامي.




سرد تاريخي منظّم للخلفاء العباسيين منذ قيام الدولة سنة 132هـ / 750م حتى سقوط بغداد سنة 656هـ / 1258م، 


1- أبو العباس عبد الله السفاح 
تولي الخلافة: 750–754م (4 سنوات) 
أول خلفاء الدولة العباسية، قاد الثورة ضد الأمويين وسفك دماءهم بلا رحمة، ولهذا لُقّب بـ”السفاح”. نقل العاصمة إلى الكوفة ثم الأنبار. 
من مآثره: إسقاط الدولة الأموية، توحيد الدولة، تمكين بني العباس. 
المآخذ عليه: العنف المفرط، المجازر، التأسيس لحكم قمعي مبكر. 

2- أبو جعفر المنصور 
تولي الخلافة: 754–775م (21 سنة) 
مؤسس حقيقي للدولة، نقل العاصمة إلى بغداد، ووطد أركان الحكم، وأسس جهازًا إداريًا صارمًا. عُرف بدهائه وحذره وبطشه بالمعارضين. 
من مآثره: بناء بغداد، تعزيز المركزية، دعم حركة الترجمة. 
المآخذ عليه: اغتيال خصومه السياسيين، التسلط، قمع المعارضة العلوية. 

3- المهدي بن المنصور 
تولي الخلافة: 775–785م (10 سنوات) 
خليفة ذو ميل للتسامح، سعى للتقريب بين الفرق، وتوسيع نفوذ الدولة في خراسان، واهتم بالبنية الدينية والإدارية. 
من مآثره: إصلاح القضاء، العفو عن بعض المعارضين، استقرار اقتصادي. 
المآخذ عليه: تغاضيه عن بذور الترف، تزايد تدخل الحاشية. 

4- الهادي بن المهدي 
تولي الخلافة: 785–786م (سنة واحدة) 
خليفة شاب، اتسم بالحزم، دخل في صراع مع أمه الخيزران، وعارض تولية أخيه الرشيد من بعدها. 
من مآثره: محاولة استقلال القرار، مواقف عدالة تجاه بعض الشكاوى. 
المآخذ عليه: الصدام العائلي، البطش السريع، انفعاله السياسي. 

5- هارون الرشيد 
تولي الخلافة: 786–809م (23 سنة) 
من أشهر خلفاء المسلمين، جمع بين العبادة والفروسية والسياسة. عُرف بعصر الرفاه والعلوم، وارتبط اسمه بألف ليلة وليلة. 
من مآثره: دعم بيت الحكمة، ازدهار الحضارة، قوة الدولة. 
المآخذ عليه: بذخ القصور، الصراع مع البرامكة، التمهيد للانقسام. 

6- الأمين بن الرشيد 
تولي الخلافة: 809–813م (4 سنوات) 
خليفة ضعيف الشخصية، دخل في حرب مع أخيه المأمون بسبب النزاع على العهد، وانتهى الأمر بقتله. 
من مآثره: لم يُسجل له إنجاز بارز لاضطراب حكمه. 
المآخذ عليه: إهمال الدولة، الحرب الأهلية، النزق والترف. 

7- المأمون بن الرشيد 
تولي الخلافة: 813–833م (20 سنة) 
عقلية فلسفية وعلمية، دعم حركة الترجمة بشكل واسع، لكنه اصطدم بالعلماء بسبب فرضه لمحنة خلق القرآن. 
من مآثره: بيت الحكمة، تشجيع العلم، الاستقرار الإداري. 
المآخذ عليه: محنة خلق القرآن، اضطهاد العلماء، تساهل في نفوذ الفرس. 

8- المعتصم بالله 
تولي الخلافة: 833–842م (9 سنوات) 
أسس الجيش التركي، بنى مدينة سامراء، وصد هجوم الروم في عمورية، لكن تغلغل الأتراك بدأ في عهده. 
من مآثره: فتح عمورية، تقوية الجيش، تأسيس سامراء. 
المآخذ عليه: تمكين الأتراك، بداية ضعف الخليفة أمام العسكر. 

9- الواثق بالله 
تولي الخلافة: 842–847م (5 سنوات) 
استمر في سياسة المعتصم، خصوصًا في المحنة، وكان مثقفًا شاعرًا، لكنه ترك الحكم للوزراء. 
من مآثره: مواصلة ازدهار الثقافة، دعم الترجمة. 
المآخذ عليه: استمرار محنة خلق القرآن، ضعف الوجود السياسي المباشر. 

10- المتوكل على الله 
تولي الخلافة: 847–861م (14 سنة) 
عاد للسنة، وأنهى محنة خلق القرآن، لكنه مارس اضطهادًا دينيًا تجاه غير المسلمين، واغتيل على يد حرسه. 
من مآثره: إنهاء المحنة، هيبة الدولة، الاهتمام بالعمران. 
المآخذ عليه: قمع المخالفين، بطشه بالعلويين والمسيحيين، تركيز السلطة حوله. 

11- المنتصر بالله 
تولي الخلافة: 861–862م (أقل من سنة) 
خليفة شاب اغتال أباه بدافع الانتقام لتفضيله أخوته، حكم أشهرًا فقط ثم مات فجأة. 
من مآثره: رفع بعض القيود عن العلويين. 
المآخذ عليه: اغتيال والده، ضعف الحكم، عدم الاستقرار. 

12- المستعين بالله 
تولي الخلافة: 862–866م (4 سنوات) 
من خلفاء سامراء، كان دمية في يد الأتراك، وعُزل بعد فتنة كبيرة وقتل في النهاية. 
من مآثره: محاولات فاشلة لاستعادة السيطرة. 
المآخذ عليه: الضعف التام، حكم العسكر، انقسام الدولة. 

13- المعتز بالله 
تولي الخلافة: 866–869م (3 سنوات) 
حاول كبح جماح الأتراك ففشل، وتم عزله وتعذيبه حتى الموت، ومات جوعًا. 
من مآثره: تحدي الحرس التركي، محاولة إصلاحية. 
المآخذ عليه: ضعف القيادة، سوء العلاقة مع الجيش، نهاية مأساوية. 

14- المهتدي بالله 
تولي الخلافة: 869–870م (سنة واحدة) 
زاهد عابد، أراد أن يعيد سيرة عمر بن عبد العزيز، فثار عليه الحرس وقتلوه. 
من مآثره: زهد وعدل نادران، محاربة الفساد المالي. 
المآخذ عليه: ضعف الحماية السياسية، مصادمة العسكر بلا دعم. 

15- المعتمد على الله 
تولي الخلافة: 870–892م (22 سنة) 
خليفة بلا سلطة فعلية، كانت السلطة بيد أخيه الموفق ثم ابنه المعتضد، وعاش حياة شكلية. 
من مآثره: المحافظة على رمز الخلافة، التماسك الظاهري للدولة. 
المآخذ عليه: ضعف النفوذ، التبعية المطلقة. 

16- المعتضد بالله 
تولي الخلافة: 892–902م (10 سنوات) 
أعاد للدولة العباسية بعض الهيبة، نظم الجيش، وقمع الثورات، واشتهر بالشدة والحزم. 
من مآثره: استعادة السيطرة على الأطراف، التنظيم الأمني. 
المآخذ عليه: القسوة الشديدة، البطش. 

17- المكتفي بالله 
تولي الخلافة: 902–908م (6 سنوات) 
تولى في أوج الدولة المتجددة، وكان محبوبًا معتدلًا، قمع القرامطة وانتصر عليهم. 
من مآثره: القضاء على تهديد القرامطة، سياسة معتدلة. 
المآخذ عليه: الانشغال بالترف لاحقًا، ضعف الحزم. 

18- المقتدر بالله 
تولي الخلافة: 908–932م (24 سنة) 
أصغر الخلفاء سنًا عند توليه، شهد عهده انهيارًا اقتصاديًا وسياسيًا واسعًا رغم بعض المحاولات الإصلاحية. 
من مآثره: دعم العلم، إصلاحات شكلية. 
المآخذ عليه: الفساد الإداري، ضعف الدولة، تدخل النساء والخصيان. 

19- القاهر بالله 
تولي الخلافة: 932–934م (سنتان) 
متقلب المزاج، مستبد، فقد بصره وأُجبر على التنازل، واعتُقل بقية حياته. 
من مآثره: لا يُذكر له شيء يُعتدّ به. 
المآخذ عليه: القسوة، الجنون السياسي، استعداء الجميع. 

20- الراضي بالله 
تولي الخلافة: 934–940م (6 سنوات) 
خليفة ضعيف، ازدادت فيه سطوة الأمراء، وسقطت الهيبة بالكامل. 
من مآثره: لا شيء بارز، سوى بعض التقوى الشخصية. 
المآخذ عليه: العجز التام، سيطرة البويهيين لاحقًا. 

21- المستكفي بالله 
تولي الخلافة: 944–946م (سنتان) 
كان تابعًا كليًا للبويهيين، وتم خلعه وإذلاله. 
من مآثره: لا تُذكر له مآثر. 
المآخذ عليه: التبعية، التنازل عن كل سيادة. 

الخلفاء العباسيين فترة الضعف حتى سقوط بغداد، ويمكن اختصار المرحلة البويهية – السلجوقية من المتقي بالله حتى سقوط بغداد على يد المغول سنة 656هـ / 1258م:


22- المتقي بالله 
تولي الخلافة: 940–944م (4 سنوات) 
كان مجرد واجهة لحكم القادة العسكريين، تنقّل بين أيديهم، حتى خُلع وبُويع المستكفي. 
من مآثره: الزهد الشخصي، محاولات مترددة لاستقلال القرار. 
المآخذ عليه: ضعف الحكم، الاستسلام للقادة، لا أثر سياسي فعلي. 

23- المستكفي بالله 
تولي الخلافة: 944–946م (سنتان) 
خليفة تابع تمامًا للبويهيين، عُزل وعُمي، ولم يترك أي أثر في السياسة أو الإصلاح. 
من مآثره: لا مآثر تُذكر. 
المآخذ عليه: ضعف كامل، التنازل عن كل مقومات الخلافة. 

24- المطيع لله 
تولي الخلافة: 946–974م (28 سنة) 
خليفة في ظلّ نفوذ البويهيين، عاش حياة ذلّ وتبعية، وفقد قدرته على الحركة والحكم. 
من مآثره: الحفاظ على شكل الخلافة في أصعب المراحل. 
المآخذ عليه: الخنوع السياسي، غياب الدور القيادي. 

25- الطائع لله 
تولي الخلافة: 974–991م (17 سنة) 
تابع لحكم البويهيين، لم يكن له نفوذ حقيقي، وخلع نفسه طواعية لاحقًا. 
من مآثره: لا شيء فعلي، سوى الاستمرار الرمزي. 
المآخذ عليه: ضعف الحكم، التبعية، عدم اتخاذ مواقف إصلاحية. 

26- القادر بالله 
تولي الخلافة: 991–1031م (40 سنة) 
من أطول الخلفاء حكمًا في العهد المتأخر، استطاع تعزيز مكانة الخليفة دينيًا رغم الضعف السياسي. 
من مآثره: إعادة شيء من هيبة الخلافة الدينية، مقاومة بعض البدع. 
المآخذ عليه: عدم القدرة على استعادة السلطة السياسية، بقاء التبعية للعسكر. 

27- القائم بأمر الله 
تولي الخلافة: 1031–1075م (44 سنة) 
حكم في ظلّ السلاجقة، تمتع بشيء من الاحترام الرمزي، لكنه ظل تابعًا فعليًا للسلطة العسكرية. 
من مآثره: توطيد العلاقات مع السلاجقة، الحفاظ على شكل الدولة. 
المآخذ عليه: الجمود السياسي، ترك المجال كليًا للسلاجقة. 

28- المقتدي بأمر الله 
تولي الخلافة: 1075–1094م (19 سنة) 
حاول استعادة بعض النفوذ عبر التحالف مع السلاجقة، وكان معروفًا بالتقوى والحرص على المذهب السني. 
من مآثره: توثيق العلاقة مع نظام الملك، تعزيز التسنن. 
المآخذ عليه: التبعية السياسية، تقليص دور الخليفة إلى الطقوس الدينية. 

29- المستظهر بالله 
تولي الخلافة: 1094–1118م (24 سنة) 
شهدت فترته حملات الصليبيين، وبداية ظهور الحركات المقاومة كالزنكيين، دون أن يكون له دور فعلي فيها. 
من مآثره: صون التقاليد العباسية، دعم السنة رمزيًا. 
المآخذ عليه: غياب القرار السياسي، الحضور الضعيف في لحظة حاسمة. 

30- المسترشد بالله 
تولي الخلافة: 1118–1135م (17 سنة) 
أراد كسر هيمنة السلاجقة فدخل معهم في صراع عسكري انتهى بأسره وقتله، وكان آخر من حاول فعليًا استعادة السلطة. 
من مآثره: الجرأة على كسر التبعية، محاولة الاستقلال السياسي. 
المآخذ عليه: سوء التقدير، المغامرة العسكرية، قتله فتح الباب للضعف اللاحق. 

31- الراشد بالله 
تولي الخلافة: 1135–1136م (سنة واحدة) 
ابن المسترشد، تابع مسيرة أبيه في التمرد على السلاجقة، فخلع ونُفي، ومات مقتولًا. 
من مآثره: الاستمرار في مشروع الاستقلال. 
المآخذ عليه: ضعف الدعم، التهور السياسي، قصر العهد. 

32- المقتفي لأمر الله 
تولي الخلافة: 1136–1160م (24 سنة) 
استغلّ ضعف السلاجقة لاستعادة بعض السلطة، واتسم عهده بالاستقرار النسبي والتوازن بين الخليفة والسلطان. 
من مآثره: توسيع صلاحيات الخلافة، إصلاح إداري محدود. 
المآخذ عليه: بطء الخطوات الإصلاحية، الاعتماد على توازن هش. 

33- المستنجد بالله 
تولي الخلافة: 1160–1170م (10 سنوات) 
استكمل ما بدأه المقتفي، وواجه محاولات تمرد، لكنه سيطر عليها، وعاش فترة هادئة نسبيًا. 
من مآثره: إدارة متزنة، الحفاظ على هيبة الخليفة. 
المآخذ عليه: التردد في الحسم، الاكتفاء بدور رمزي في الصراعات الكبرى. 

34- المستضيء بالله 
تولي الخلافة: 1170–1180م (10 سنوات) 
عاصر بدايات صلاح الدين الأيوبي، وأعاد ترتيب العلاقة مع مصر بعد زوال الفاطميين. 
من مآثره: دعم السنة، التنسيق الرمزي مع صلاح الدين. 
المآخذ عليه: عدم وجود مبادرة سياسية واضحة، استمرار التبعية الرمزية. 

35- الناصر لدين الله 
تولي الخلافة: 1180–1225م (45 سنة) 
أطول خلفاء بني العباس حكمًا، أعاد هيبة الخلافة نسبيًا، وواجه صراعات متعددة مع السلاجقة والخوارزميين. 
من مآثره: إحياء دور الخلافة إداريًا ودينيًا، الإصلاح المؤسسي. 
المآخذ عليه: الاستبداد، محاباة الباطنية أحيانًا، الجمود أواخر عهده. 

36- الظاهر بأمر الله 
تولي الخلافة: 1225–1226م (سنة واحدة) 
عُرف بالتقوى والزهد، وحكمه لم يشهد أحداثًا كبرى. 
من مآثره: التقوى الشخصية. 
المآخذ عليه: قصر العهد، عدم التأثير الفعلي. 

37- المستنصر بالله 
تولي الخلافة: 1226–1242م (16 سنة) 
شهد بداية الصعود المغولي، وكان ضعيفًا سياسيًا رغم بعض الاستقرار الداخلي. 
من مآثره: تعزيز الاستقرار الإداري. 
المآخذ عليه: تجاهل التهديد المغولي المتصاعد، ضعف الاستجابة. 

38- المستعصم بالله 
تولي الخلافة: 1242–1258م (16 سنة) 
آخر الخلفاء العباسيين في بغداد، سقطت الخلافة في عهده على يد المغول بقيادة هولاكو، بعد تقاعس عسكري وسياسي كبير. 
من مآثره: لا مآثر تُذكر سياسيًا. 
المآخذ عليه: السذاجة السياسية، سوء تقدير الخطر المغولي، الاستسلام دون قتال حقيقي. 

ملحق حول الخلفاء العباسيين في القاهرة بعد سقوط بغداد : السرد الكامل للخلفاء العباسيين في القاهرة:


1- المستنصر بالله (الثاني) 
تولي الخلافة: 659–660هـ (سنة واحدة) 
أول خليفة عباسي بعد سقوط بغداد، أرسله الظاهر بيبرس لاستعادة بغداد لكن قُتل في الطريق. 
من مآثره: إحياء اسم الخلافة العباسية بعد انقطاع، محاولة جريئة لاستعادة الكيان. 
المآخذ عليه: قلة الحنكة السياسية، والتورط في مشروع غير ناضج. 

2- الحاكم بأمر الله الأول 
تولي الخلافة: 660–701هـ (41 سنة) 
استقر في القاهرة كخليفة صوري للمماليك، أطول الخلفاء العباسيين في القاهرة عهدًا. 
من مآثره: رسّخ وجود الخلافة الشكلية في مصر، وشارك في المناسبات العامة. 
المآخذ عليه: لم يحاول كسر الصيغة الرمزية أو طرح رؤية فكرية تُعيد مكانة الخلافة. 

3- المستكفي بالله الأول 
تولي الخلافة: 701–707هـ (6 سنوات) 
تابع نمط الحكم الرمزي، وكانت سلطته شكلية بالكامل، بلا طموح يُذكر. 
من مآثره: الحفاظ على استمرارية الخلافة العباسية في مصر. 
المآخذ عليه: ضعف الأداء الرمزي حتى في الجانب الديني، والانعزال التام. 

4- الواثق بالله الأول 
تولي الخلافة: 707–729هـ (22 سنة) 
أحد أكثر الخلفاء ثباتًا، عاش في ظل السلطة المملوكية بلا أي استقلال يُذكر. 
من مآثره: المشاركة في الطقوس السلطانية وتثبيت الطابع الاحتفالي للخلافة. 
المآخذ عليه: عدم الإشارة لأي مشروع إصلاحي أو دور تربوي. 

5- الحاكم بأمر الله الثاني 
تولي الخلافة: 729–740هـ (11 سنة) 
واصل أداء الدور التقليدي في المناسبات، بلا أي أثر سياسي أو دعوي. 
من مآثره: الحفاظ على التقاليد الرسمية للخلافة. 
المآخذ عليه: استمرار الخضوع الكامل للسلطة دون أي فكر مستقل. 

6- المستنصر بالله الثاني 
تولي الخلافة: 740–741هـ (سنة واحدة) 
خليفة عابر، لا يُذكر له أثر، ويبدو أنه تولى المنصب لأسباب بروتوكولية فقط. 
من مآثره: لا تُذكر له مآثر واضحة. 
المآخذ عليه: التغييب الكامل حتى في التمثيل الرمزي. 

7- المتوكل على الله الأول 
تولي الخلافة: 763–785هـ (22 سنة) 
خليفة له حضور رمزي بارز نسبيًا، شهد عهده اضطرابات في دولة المماليك. 
من مآثره: حضر بعض التحولات السياسية، واحتُرم في بعض الأوساط. 
المآخذ عليه: قبوله التام بالاختزال في دور تمثيلي دون أي محتوى إصلاحي. 

8- الواثق بالله الثاني 
تولي الخلافة: 785–788هـ (3 سنوات) 
تولى المنصب في مرحلة انتقالية سريعة، ولم يُعرف له نشاط يُذكر. 
من مآثره: استمرار وجود الخلافة كإطار شكلي. 
المآخذ عليه: ضعف الدور الرمزي حتى في الحد الأدنى. 

9- الحاكم بأمر الله الثالث 
تولي الخلافة: 788–791هـ (3 سنوات) 
خليفة آخر بلا سجلّ واضح أو موقف بارز. 
من مآثره: أداء طقوس الخلافة. 
المآخذ عليه: لا يختلف عن من سبقه في الهامشية الكاملة. 

10- المستكفي بالله الثاني 
تولي الخلافة: 791–808هـ (17 سنة) 
عهد متوسط الطول، ظل يؤدي الدور الاحتفالي، ولم يُسجل له موقف مستقل. 
من مآثره: بقاء مؤسسة الخلافة ضمن البروتوكول السلطاني. 
المآخذ عليه: الاكتفاء الكامل بالدور الشكلي دون تطوير أو مراجعة. 

11- المستعصم بالله الثاني 
تولي الخلافة: 808–815هـ (7 سنوات) 
لم يعرف له أثر يُذكر خارج البلاط، وكان وجوده رمزيًا محضًا. 
من مآثره: الاستمرارية الشكلية للخلافة. 
المآخذ عليه: الغياب التام عن الحياة الفكرية أو الدينية. 

12- المتوكل على الله الثاني 
تولي الخلافة: 815–845هـ (30 سنة) 
أحد أطول من تولى الخلافة في القاهرة، وكان اسمه بارزًا نسبيًا. 
من مآثره: شارك في بعض المواسم الدينية المهمة، وحظي بشيء من التقدير. 
المآخذ عليه: لم يحاول استخدام مكانته لصالح أي حركة إصلاحية. 

13- المستعين بالله الثاني 
تولي الخلافة: 845–854هـ (9 سنوات) 
تولى المنصب بعد فترة استقرار نسبي، وعاش في كنف الدولة المملوكية. 
من مآثره: حضور رسمي في البلاط المملوكي. 
المآخذ عليه: لا موقف فكري أو توجيهي يُذكر. 

14- المستنجد بالله الثاني 
تولي الخلافة: 854–859هـ (5 سنوات) 
حكمه كان في أواخر عصور المماليك البرجية، بلا أي أثر أو مشروع. 
من مآثره: المشاركة في الاحتفالات الرسمية. 
المآخذ عليه: الغياب عن قضايا الأمة في أشد فتراتها ضعفًا. 

15- المتوكل على الله الثالث 
تولي الخلافة: 859–903هـ ثم 915–923هـ (52 سنة متقطعة) 
آخر خلفاء بني العباس، سُلّمت إليه الراية الرمزية، ثم سلّمها للعثمانيين سنة 923هـ. 
من مآثره: نقل الخلافة رسميًا إلى العثمانيين، إنهاء مرحلة رمزية طويلة. 
المآخذ عليه: الانسحاب دون أي خطاب شرعي أو مقاومة فكرية لمسألة انتقال الخلافة. 


ملخص تحليلي للمرحلة العباسية في القاهرة.

خلافة بلا خلافة: ملامح الحقبة العباسية في القاهرة 
بعد الاجتياح المغولي وسقوط بغداد، لم يبق من الخلافة العباسية سوى الاسم. فأعاد الظاهر بيبرس إنشاء “خلافة رمزية” في القاهرة سنة 659هـ، أراد بها تغليف حكمه بشرعية دينية دون أن يمنح الخليفة أي سلطة فعلية. ومنذ ذلك الحين، ظل خلفاء بني العباس في القاهرة أسرى دور شكلي لم يخرج عن الطقوس الرسمية والاحتفالات السلطانية. 

السمات العامة للمرحلة: 
شرعية مفرغة من المضمون: اقتصرت وظيفة الخليفة على مبايعة السلطان المملوكي وإلقاء الخطبة في بعض المناسبات. ولم يكن له جيش، ولا حكم، ولا خطاب سياسي. 
وظيفة احتفالية: حضر الخلفاء المراسم والاحتفالات الدينية والعسكرية، كنوع من “التجميل الشرعي” للسلطة المملوكية، تمامًا كما يُستدعى إمام رسمي لإلقاء الدعاء في المناسبات الرسمية. 
غياب المشروع الفكري: لم يُسجل لأي من هؤلاء الخلفاء موقف شرعي أو فقهي بارز، أو مشاركة في القضايا الفكرية أو الدينية التي كانت تموج بها الأمة، بل كانوا في غالبيتهم مغمورين حتى في كتب التاريخ. 
انفصال عن همّ الأمة: شهدت تلك الحقبة غزوات صليبية، وسقوط الأندلس، وضربات متتالية على المسلمين في الشام والأناضول، ومع ذلك لم يظهر أي دور للخلافة العباسية في التعبئة أو التوجيه أو حتى التفاعل. 
نهاية طبيعية لدور مصطنع: في سنة 923هـ، سلّم آخر الخلفاء العباسيين (المتوكل على الله الثالث) الراية والآثار النبوية رسميًا للسلطان العثماني سليم الأول، لتنتهي الخلافة العباسية نهائيًا، وتُفتح مرحلة الخلافة العثمانية. 

خلاصة المشهد: 
الخلافة العباسية في القاهرة كانت “خلافة بلا خلافة”، مؤسسة رمزية محضة، وظّفتها دولة المماليك لتستظل بشرعية ميتة. لم تُولد فيها فكرة، ولم تُقَد فيها أمة، ولم تُجدد فيها شريعة. كانت مثالًا حيًا على أن الشكل بلا مضمون ليس سوى ظلّ بلا روح.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.