
1. بنية النظام ومصادر السلطة
الحزب الشيوعي الصيني يسيطر على كل مؤسسات الدولة دون أي منافس، وشي جين بينغ شخصيًا يعزز موقعه كأقوى زعيم منذ ماو، مركزًا السلطة في يده عبر تعزيز جهاز الحزب والحرس الثوري الاقتصادي والسياسي. لا شرعية انتخابية حقيقية، ولا مؤسسات مستقلة، فقط سلطة مطلقة تستخدم القمع والتقنيات الحديثة للسيطرة.
2. المشكلات الحالية (الاقتصادية، السياسية، الاجتماعية، المسكوت عنها)
الاقتصاد يواجه تباطؤًا بنيويًا غير معلن، مدفوعًا بأزمات ديون هائلة في قطاع العقارات والقطاع الخاص، مع شح الابتكار المستقل الذي يتوقف على تحكم الدولة. سياسيًا، تُقمع الأقليات القومية كالإيغور والتبت عبر سياسات التطهير الثقافي والرقابة، بينما تُخنق أي معارضة أو احتجاج داخلي عبر آليات مراقبة ذكية.
المسكوت عنه هو توتر العلاقة بين النموذج التنموي القائم على التصنيع والتوسع الرأسمالي، ونظام سياسي لا يقبل الشراكة ولا الديمقراطية، مما يولّد احتقانًا داخليًا يُحاول الحزب إخفاءه بقوة.
3. الدور الجيوسياسي والوظيفي للدولة
تتسلح الصين بقوة اقتصادية وعسكرية متزايدة، لتحويل موقعها إلى قوة عالمية منافسة للهيمنة الأميركية، عبر مبادرة الحزام والطريق وسيطرة متنامية على التقنيات. لكنها في الوقت نفسه تواجه حصارًا دبلوماسيًا وعسكريًا، وتوترات حادة في بحر الصين الجنوبي وتايوان، ما يفرض عليها موازنة بين التوسع والاستقرار الإقليمي.
4. الاقتصاد الحقيقي للدولة
اقتصاد الصين ظل مرتبطًا بسيطرة الدولة على القطاعات الاستراتيجية، مع ضعف في الشفافية وارتفاع الفساد المؤسساتي. النمو الصناعي يتراجع، والقطاعات الجديدة كالتقنية تواجه ضغوط رقابية مشددة. في المقابل، تُعاني طبقة العمال والفلاحين من تدني الأجور والظروف، مع عدم وجود حماية اجتماعية حقيقية.
5. الإعلام والخطاب مقابل الواقع
الإعلام الرسمي يصوغ سردًا موحدًا للنجاحات والتنمية، لكنه يخفي ارتفاع مشاعر الغضب الشعبي، والاحتجاجات الصغيرة التي تُقمع سريعًا. الإعلام الرقمي محاصر بالكامل، ولا يُسمح بأي نقد جاد للنظام، مما يخلق فجوة واسعة بين خطاب الدولة وواقع المواطن.
6. حالة المجتمع: بين الغضب والاستكانة
رغم القمع، لا تختفي موجات الغضب، خصوصًا بين الشباب والفئات المهمشة. مجتمع متوتر، يعيش في ظل نظام بوليسي يحاصر الحريات، ويصنع حالة من الخوف، لكنها ليست انكسارًا كاملاً، فهناك مقاومات صامتة، لكنها تحتدم تحت السطح، وتنتظر الشرارة.
7. سيناريوهات المستقبل
أمام الصين ثلاثة مسارات: استمرار النظام في التشدد مع احتمال انفجار داخلي محدود، أو تعديل تدريجي تحت ضغط الداخل والخارج، أو تفكك نسبي للنظام إذا تعمقت الأزمات الاقتصادية والسياسية. كل السيناريوهات تحمل مخاطر عالية على استقرار أكبر دولة في آسيا.
8. خاتمة تحليلية
الصين اليوم قوة عظمى بسطوة حزبية مطلقة، لكنها في أزمة شرعية متنامية، تجسد صراعًا بين نمو اقتصادي لا يمكن إنكاره، ونظام سياسي لا يحتمل مشاركة حقيقية في الحكم. مستقبل الصين سيكون اختبارًا لما إذا كان بإمكانها إعادة تشكيل نفسها لتجاوز هذه التناقضات، أو ستظل تُعاني من أزمات متكررة تهدد مكانتها.
سلسلة: دولة تحت المجهر