
اقتصاد البقاء بدل الاستقرار
انتشار البيع من السيارات والشاحنات الصغيرة، وتجول الباعة بين المارة، والتوسع في خدمات التوصيل بالدراجات النارية، ليست مظاهر حيوية اقتصادية كما يُصوَّر، بل أعراض انحدار. إنها علامات على أن الوظائف المستقرة تضيق، وأن الطبقة الوسطى تدفع إلى اقتصاد البقاء حيث الهدف هو الاستمرار لا التقدم.
نزيف العمالة الأجنبية
العمال البسطاء الذين شكّلوا لسنوات العمود الفقري للخدمات اليومية لم يعودوا يجدون جدوى في البقاء. هجرتهم نحو أسواق تمنح دخلاً أفضل تكشف أن الاقتصاد لم يعد جاذبًا حتى لمن يقبلون بالأجور الدنيا. والنتيجة: فراغ في سوق العمل وضغط متزايد على المواطنين أنفسهم للقيام بأعمال لم يكونوا ينخرطون فيها من قبل.
السكن كأداة استنزاف
المشاريع العقارية تتكاثر في العلن، لكنها تظل بعيدة المنال عن المواطن العادي. الأسعار تفوق الدخل أضعافًا، والقروض الممتدة لعقود بفوائد مرهقة تجعل البيت فخًا مصرفيًا يلتهم حياة الطبقة الوسطى. المسكن الذي كان يفترض أن يكون ملاذًا آمنًا تحوّل إلى قيد مالي يطارد الأجيال.
الدعاية مقابل الواقع
الخطاب الرسمي يحتفي بالناتج المحلي والاستثمارات، لكن الواقع يشي بغير ذلك: مواطنون ينزلقون إلى أعمال هامشية، عمالة أجنبية تهجر السوق، وأسعار سكن تقصم الظهر. المفارقة صارخة: أرقام على الورق تقول "ازدهار"، وشارع ينطق "تدهور".
الخاتمة
الانحدار الاقتصادي لا يُقاس بالبيانات الرسمية ولا بتقارير الاستثمار، بل بما يعيشه الناس في تفاصيل يومهم. وحين يغدو العمل الهامشي هو القاعدة، ويهرب العامل الأجنبي بحثًا عن دخل أوفر، ويتحول السكن إلى قيد مصرفي، فإن الشعارات الحكومية عن النمو لا تعني سوى شيء واحد: صناعة وهم جماعي يخفي أزمة تتفاقم في صمت.