الممالك العربية القديمة: مملكة حضرموت: مملكة الطيب والبخور التي قاومت الزوال

من بين الممالك التي ازدهرت في جنوب الجزيرة العربية، تبرز حضرموت كواحدة من أعرق الكيانات السياسية والتجارية، التي حافظت على استقلالها طويلًا رغم التحديات المتكررة. اشتهرت هذه المملكة باللبان والبخور والذهب، وكانت محورًا مهمًا في التجارة البحرية والبرية بين الشرق والغرب، كما تميزت بنظام سياسي دقيق ونقوشٍ غنية تدل على تطور حضاري لافت.

النشأة والجذور
نشأت مملكة حضرموت في جنوب شرقي اليمن، وظهرت بوصفها كيانًا سياسيًا مستقلًا منذ القرن الثالث عشر قبل الميلاد، وفق بعض النقوش السبئية. تعود جذورها إلى القبائل القحطانية، وارتبطت بالنظام المعياري للحضارات اليمنية القديمة، مثل معين وسبأ وقتبان. مركزها كان مدينة شبوة التاريخية، التي كانت أيضًا عاصمة ثقافية ودينية بارزة.

مدة البقاء
استمرت مملكة حضرموت لأكثر من ألف عام، تقريبًا من القرن الثالث عشر قبل الميلاد حتى أوائل القرن الثالث الميلادي، عندما سقطت على يد مملكة حمير التي كانت توسعية ونجحت في ضم معظم الممالك الجنوبية. كانت حضرموت من آخر الكيانات اليمنية التي سقطت أمام الحِميريين.

أهم الأحداث

  • شاركت حضرموت في تحالفات سياسية ضد سبأ في فترات متعددة.
  • في القرن الخامس قبل الميلاد، ظهرت بوادر تفوقها التجاري، خاصة عبر ميناء قنا (بئر علي)، الذي ربطها بالهند وشرق أفريقيا.
  • شهدت حروبًا طويلة مع مملكة قتبان ومملكة حمير من أجل السيطرة على الطرق التجارية الحيوية.
  • ساهم ملوك حضرموت في إنشاء نظام للري وسدود زراعية، يظهر عمق التنظيم المدني لديهم.

العلاقات مع الممالك المجاورة
كان لحضرموت علاقات متقلبة مع الممالك الأخرى. فقد تحالفت أحيانًا مع سبأ أو قتبان ضد حمير، كما دخلت في صراع مباشر مع كل من معين وسبأ للسيطرة على تجارة اللبان. ومع ذلك، تُظهر النقوش أن التبادل التجاري والثقافي استمر رغم النزاعات السياسية، لا سيما مع مملكة أكسوم في الحبشة التي كانت تتعامل مع حضرموت عبر الموانئ البحرية.

الهوية الحضارية
تميزت حضرموت بديانتها الوثنية التي عبدت الإله "سين" (إله القمر)، قبل أن تتأثر لاحقًا بالمعتقدات اليهودية والمسيحية في فترات متأخرة. وقدمت نموذجًا حضاريًا متقدمًا في العمارة والنقوش والنظام الإداري، حيث تذكر النصوص الرسمية ألقابًا مثل "ملك حضرموت وسيد قنا"، مما يعكس وجود سلطة مركزية وتحكّم بالموانئ.


وصف الصورة: صورة واقعية متخيلة تُظهر قافلة من الجمال المحملة بالبخور تمر بسوق مزدهر في مدينة جنوبية قديمة، تحيط بها أبنية حجرية وزخارف يمنية، مع ظهور ملامح ملك أو زعيم حضرمي يرتدي زيًا ملوكيًا تقليديًا، بينما تبدو في الخلفية سفن خشبية راسية على شاطئ ميناء تجاري.

سلسلة: الممالك العربية القديمة

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.