
ليست الحروب وليدة الشعارات السياسية أو القضايا القومية فقط؛ كثيرًا ما تكون مدفوعة بمصالح النخب الاقتصادية التي ترى في الصراع وسيلة لتعزيز نفوذها أو حماية ثرواتها. النخب، سواء كانت شركات عملاقة، عائلات مالية، أو شبكات لوبي عابرة للحدود، تملك القدرة على تحويل التوترات السياسية إلى حروب مشتعلة، لأن أرباحها غالبًا تولد من أزمات الآخرين.
النخب المحلية: سلطة الظل
في كثير من الدول، تُعتبر النخب الاقتصادية شريكًا أساسيًا في صياغة القرار السياسي. فهي تموّل الحملات الانتخابية، تتحكم في الإعلام، وتحدد أجندات السلطة. وعندما تهدد سياسات إقليمية مصالحها، لا تتردد في دفع البلاد نحو مواجهة مسلحة أو تحالف جديد يضمن استمرار نفوذها.
الشركات العابرة للقارات: الحروب كمشاريع استثمارية
بالنسبة للشركات الكبرى، الحرب ليست مأساة، بل فرصة. شركات السلاح، الطاقة، وإعادة الإعمار تحقق أرباحًا خيالية من اندلاع النزاعات. من الشرق الأوسط إلى إفريقيا، نرى كيف تتحول ساحات الصراع إلى أسواق مربحة، حيث تتحكم هذه الشركات في إطالة أمد الحروب لتأمين عقودها المستقبلية.
اللوبيات: صانعو القرار من وراء الستار
اللوبيات الاقتصادية في العواصم الكبرى – واشنطن، بروكسل، لندن – تمارس نفوذًا يفوق أحيانًا نفوذ الحكومات نفسها. فهي تدفع باتجاه سياسات خارجية تخدم مصالح عملائها، سواء عبر الضغط على البرلمانات أو تمويل مراكز أبحاث تضع استراتيجيات تخدم رؤوس الأموال.
النتائج على الشعوب والدول
حين تُقاد السياسات الإقليمية وفق مصالح النخب الاقتصادية، تصبح الشعوب ضحايا مزدوجة: من جهة تُفقرها الحروب وتفكك استقرارها، ومن جهة أخرى تُحرم من التنمية الحقيقية التي تُستنزف لصالح مشاريع النخب وشركاتها. النتيجة: دول ضعيفة مرتهنة لدوائر نفوذ لا تُرى.
خاتمة
إن فهم دور النخب الاقتصادية في إشعال أو إدامة الصراعات يكشف الوجه الخفي للاقتصاد السياسي للحروب. فبعيدًا عن الشعارات الرسمية، تظل المصالح المالية للنخب هي المحرك الخفي الذي يعيد رسم الخرائط الإقليمية ويحدد مصائر الشعوب.