اقتصاد الوهم: وهم الاستقرار المالي: توازن هش فوق هوامش الدين

عندما تُعلن البنوك المركزية عن “استقرار الأسواق” أو حين يُفاجأ المواطن بأن الفوائد منخفضة والأسهم مستقرة، يبدو أن الاقتصاد على ما يرام. لكن الحقيقة المخفية هي أن الاستقرار المالي الحديث هو سطح براق يخفي صراعات خفية وتفاوتات متفاقمة.

فالنظام المالي العالمي اليوم قائم على دين متبادل، ورصيد اعتمادي ضخم، وسلسلة معقدة من الأوراق المالية، تجعل أي خلل صغير قادرًا على إشعال أزمة عالمية.
إن ما يبدو توازنًا اقتصاديًا في الأرقام، لا يعكس أبدًا القدرة الحقيقية للمواطن على العيش المستقل مالياً.

الديون: الوقود الخفي وراء الاستقرار المزعوم

غالبية الاستقرار المالي في العالم مبني على الدين، وليس على قوة اقتصادية حقيقية.
الحكومات تقترض لتغطية ميزانياتها، والشركات تعتمد على القروض لتوسيع أعمالها، والأفراد يستخدمون البطاقات الائتمانية لتغطية الاستهلاك اليومي.
كل هذه العمليات تخلق وهمًا بأن السوق مستقر، بينما الحقيقة أن النظام قائم على دين متراكب ومترابط.
أي هزة كبيرة، مثل انهيار سوق أو أزمة سياسة نقدية، يمكن أن تهز الأسس المالية العالمية، على الرغم من المؤشرات “الخضراء” على الشاشات.

البنوك المركزية والاحتياطات: صناعة الاستقرار الزائف

البنوك المركزية تلعب دورًا مزدوجًا: فهي تحمي الاقتصاد من الانهيار، لكنها في الوقت نفسه تُنتج استقرارًا اصطناعيًا.
عن طريق تعديل أسعار الفائدة، ضخ السيولة في الأسواق، أو التدخل في أسواق السندات، تُبقي هذه المؤسسات الاقتصاد على قيد الحياة، لكن هذا ليس استقرارًا حقيقيًا، بل استقرار مؤقت على شفا الانهيار.
المواطن يعتقد أن أمواله آمنة، والأسواق تتحرك بانسيابية، بينما الخلل الحقيقي يكمن في اعتماد الاقتصاد على ضخ دائم للديون.

المؤسسات المالية العالمية: شبكة تبعية خفية

ما يضيف هشاشة الاستقرار هو أن النظام المالي العالمي قائم على تبعية مؤسسات صغيرة وكبيرة للدول الكبرى والبنوك الدولية.
صندوق النقد والبنك الدولي، على سبيل المثال، ليسا مجرد مؤسسات دعم، بل أدوات تحكم واستقرار مركزي يخضع لها الاقتصاد العالمي.
أي قرار نقدي أو تغيّر سياسي في دولة كبرى يمكن أن يُحدث موجة اضطراب شاملة.
الاستقرار المالي هنا ليس قدرة على الصمود، بل قدرة على التحكم والتوجيه من القمة.

المواطن الغائب: وهم الأمان المالي الفردي

بينما تُعلن التقارير والمؤشرات عن استقرار مالي عالمي، يواجه المواطن العادي مخاطر يومية غير مرئية:

  • تقلب أسعار الفائدة والقروض العقارية.
  • التضخم الذي يلتهم المدخرات.
  • انهيار القدرة الشرائية مع أي هزة في السوق.

إنه يعيش في وهم الأمان المالي، لكن في الواقع حياته تعتمد على تسلسل معقد من التدابير المصطنعة للحفاظ على النظام الاقتصادي.

خاتمة: الاستقرار الذي لا يوجد

الاستقرار المالي الحديث ليس أكثر من سطح زجاجي يلمع فوق هاوية الدين.
أي أزمة صغيرة يمكن أن تكشف هشاشة النظام، وكل مؤشر أخضر على الشاشة لا يعني شيئًا إلا إذا فهمنا أن الاقتصاد قائم على سلسلة طويلة من الاعتمادات والديون.
الوعي المالي الحقيقي يبدأ بفهم أن الاستقرار المالي ليس موجودًا بمقدار ما هو مدار بعناية لإخفاء المخاطر عن الشعب.
حين يدرك القارئ هذا، يستطيع التمييز بين ما يُعرض على أنه أمان، وما هو مجرد قناع للأزمة المستمرة.


جدول رمزي: الدخل مقابل الصرف ومؤشرات الاستقرار المالي

البلد الدخل (ثابت = 10) الصرف من 10 الملاحظة بالنسبة للاستقرار المالي
الولايات المتحدة 10 11 الاعتماد على الديون والبطاقات الائتمانية يجعل الاستقرار هشًا.
ألمانيا 10 8 نظام مصرفي مضبوط وثقافة ادخار تمنح استقرارًا نسبيًا.
اليابان 10 8 استقرار مصرفي واقتصاد منخفض المخاطر على المستوى الفردي.
فرنسا 10 9 استقرار ظاهر بفضل الضمانات الاجتماعية، لكن التفاوت المالي موجود.
كندا 10 9 استقرار مماثل لأوروبا، لكن الاعتماد على القروض السكنية مرتفع.
روسيا 10 11 تقلبات السوق والانخفاضات المفاجئة للقوة الشرائية تهدد الاستقرار.
البرازيل 10 10 الاستقرار المصطنع قائم على سياسات نقدية قصيرة المدى.
تركيا 10 12 التضخم العالي يجعل أي استقرار ظاهرًا مؤقتًا فقط.
ماليزيا 10 7 استقرار جيد للمواطن العادي بفضل سياسات مصرفية محافظة.
الخليج (السعودية/الإمارات/قطر) 10 9 استقرار ظاهر على المستوى الفردي بفضل دخل الدولة العالي، لكن هشاشة النظام البنيوي تبقى.


ملاحظة بصرية:

  • الأرقام أكبر من 10 → إنفاق يفوق الدخل، ما يشير إلى هشاشة الاستقرار.
  • الأرقام أقل من 10 → ادخار وتوازن، يعكس استقرارًا فعليًا على المستوى الفردي.
  • الرقم 10 → استقرار شكلي، غالبًا مرتبط بسياسات قصيرة المدى أو تدخل الدولة المباشر.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.