
الإعلام والفنون هي أدوات فعّالة لإعادة صياغة التاريخ وتحويله إلى سرديات تخدم السلطة. من خلال الأفلام الوثائقية، المسلسلات، الصحف، والمجلات، يمكن توجيه الجماهير لتبني صورة محددة عن الماضي، تمجّد انتصارات معينة، وتهمش أو تُغفل الفشل والصراعات الداخلية. هذه السرديات المزدوجة تجعل المواطن يعتقد أنه يطلع على التاريخ كما هو، بينما يتم توجيه وعيه بشكل خفي.
أدوات الإعلام والسينما في توجيه التاريخ
- اختيار القصص: التركيز على أحداث أو شخصيات تعزز الولاء الوطني والسياسي، مع إخفاء الأحداث المهددة للسرد الرسمي.
- إعادة تمثيل التاريخ: إنتاج أفلام ومسلسلات تصور التاريخ بطريقة تمجّد السلطة أو الأبطال الوطنيين.
- التكرار الرمزي: نشر رموز وأيقونات تاريخية عبر وسائل الإعلام والفنون لتثبيت سرد معين في ذهن الجماهير.
نماذج تطبيقية
- المسلسلات التاريخية التي تبرز انتصارات دولة معينة أو أبطالها، بينما تُهمل أو تُشوه الشخصيات المعارضة أو الهزائم العسكرية.
- الصحف والمجلات التي تُعيد سرد أحداث تاريخية بشكل يبرز إنجازات النظام الحالي ويُغفل الانتقادات أو الصراعات.
- حملات إعلامية كبيرة احتفت بذكرى انتصارات وطنية محددة، مع تجاهل الكوارث أو المآسي التي شهدتها نفس الفترة الزمنية.
تأثير الإعلام على المجتمع
السرديات المزدوجة تجعل المواطن يرى التاريخ من زاوية محددة، فتتشكل هوية جماعية محدودة تتوافق مع مصالح السلطة. يصبح من الصعب التمييز بين الحقيقة التاريخية والمرويات المصاغة بعناية، مما يحد من قدرة المجتمع على التفكير النقدي والتحليل المستقل.
الخلاصة
الإعلام والفن ليسا مجرد وسائط نقل للحقائق، بل أدوات لإعادة صياغة التاريخ والتأثير على وعي الشعوب. فهم هذه الأدوات يكشف الوجه الخفي للسلطة وكيف تُدار السرديات التاريخية بعيدًا عن أعين المواطنين.
سلسلة: الذاكرة التاريخية: صاغة الماضي لتوجيه الحاضر المستقبل