لماذا يخشى الحكام العرب الإخوان أكثر من إسرائيل؟

في عالم السياسة العربية، ليست إسرائيل الخطر الأول على عروش الحكام، بل القوى الداخلية التي تملك القدرة على تحريك الشارع، وإعادة صياغة العلاقة مع الغرب. لهذا يبدو خوف الأنظمة العربية من "الإخوان المسلمين" أكبر من خوفها من جيش الاحتلال الإسرائيلي.

التبعية للغرب: أصل المشكلة

منذ عقود، بُنيت أنظمة الحكم في المنطقة على أساس الوصاية الخارجية؛ فالدعم الغربي كان وما يزال الضمانة الأولى لبقاء تلك الأنظمة، مهما انهارت شعوبها في أتون الفقر والقمع. إسرائيل نفسها ليست خارج هذا السياق؛ فهي أداة استراتيجية في المشروع الغربي، وجودها قائم على تثبيت التوازنات التي تضمن بقاء الأنظمة المطيعة.

الإخوان كتهديد استراتيجي

خطورة الإخوان في نظر الحكام ليست في شعارات دينية أو تجربة حكم قصيرة، بل في أنهم يمثلون مشروعًا قد يُحرّر القرار السياسي العربي من التبعية. مجرد وجود قوة سياسية ذات جذور شعبية، تحمل خطابًا قادرًا على كسر الهيمنة الغربية، يثير ذعر الأنظمة أكثر من دبابات إسرائيل.

ازدواجية المعايير: قمع الداخل ومهادنة الخارج

نرى بوضوح أن الأنظمة العربية تبني سجونًا لشعوبها أكثر مما تبني جيوشًا لمواجهة إسرائيل. تسحق المعارضات الإسلامية واليسارية والقومية بلا تردد، لكنها في الوقت ذاته تمارس التطبيع وتبادل المصالح مع إسرائيل. هذه الازدواجية تكشف أن الخوف الحقيقي ليس من "العدو الصهيوني"، بل من عدو الداخل الذي يهدد شرعية الحكم القائم على خدمة الخارج.

الخلاصة

الإخوان المسلمون، مهما اختلفت التقييمات لأدائهم السياسي، يمثلون هاجس التحرر من الهيمنة الغربية. وهذا ما يجعلهم في عين الحكام العرب أخطر من إسرائيل، لأن الأخيرة شريك استراتيجي في معادلة الاستقرار المرسومة غربيًا، بينما الأولون قد يعيدون صياغة قواعد اللعبة بأكملها.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.