التيس السعيد.. فرزدق العصر على أبواب الغرب

في كل مرحلة من تاريخ العالم العربي، يظهر "فرزدق جديد"؛ شخصية سياسية أو رمزية تتقن فن المديح والخضوع للسلطة، دون أن تتجاوز حدود الخطوط التي ترسمها القوى الكبرى. يظن نفسه صانعًا للتاريخ، بينما لا يتعدى كونه صدىً لطموحات مؤسسات وأسياد أقوياء.

خطاب السيادة المصطنع

يتغنى بالسيادة والاستقلال، ويرفع شعارات الحرية والكرامة، لكنه في العمق يقف على حبال القوى الخارجية، خائفًا من أي خطوة قد تزعج الأسياد. صوته يرتفع في الداخل لإثارة التأييد، ويخف في الخارج لنيل رضا الأقوياء. إنها "سيادة مؤجرة"، حيث تتحول اللغة الوطنية إلى غطاء للتبعية السياسية.

وهم الشعبوية

يتظاهر بأنه صوت الشعب وممثل أحلامه، بينما أدواته لا تتجاوز الشعارات الجوفاء والخطب المسرحية. الشعبوية هنا ليست وسيلة للتحرر، بل وسيلة لإعادة إنتاج التبعية، إذ يُستبدل الاستعمار المباشر بسيطرة الرموز والأصوات على وعي الجمهور.

فرزدق العصر

كما كان شعراء البلاط في العصور الماضية يقتاتون من مدح الخلفاء والسلاطين، صار "فرزدق العصر" يقتات من المديح والتصفيق أمام الكاميرات، بينما تقبع الحقيقة خلف أبواب مغلقة في مكاتب الوفود والمؤسسات الكبرى. كلماته تمزج بين العداء الظاهري للخارج والحرص على رضا القوى الحقيقية خلف الكواليس.

التيس السعيد

في النهاية، هو "التيس السعيد": مطمئن لموقعه المؤقت، فرح برضا الأسياد، يظن أن التاريخ سيذكره كبطل، بينما قد يراه المستقبل مجرد أداة ضمن أدوات التأثير والتحكم. المشهد يتكرر، بنفس الخطاب ونفس المسرحيات، وكأن التاريخ يعيد إنتاج هذه الشخصية المتملقة، دون أن تتغير وظيفتها أو رسالتها.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.