الخطة الأمريكية لوقف الحرب: هدنة أم استسلام مقنّع؟

منذ أن أعلن دونالد ترامب عن مبادرته الجديدة لوقف الحرب في غزة، بدا واضحاً أن ما يسمى بـ"خطة السلام" ليست سوى نسخة منقحة للشروط الإسرائيلية القديمة. فالوثيقة لا تعكس توازناً سياسياً، ولا تُقدم ضمانات حقيقية للجانب الفلسطيني، بل تُكرّس معادلة القوي الذي يفرض شروطه على الضعيف.

لغة الهدنة أم منطق الاستسلام؟

تستخدم الخطة لغة إنسانية جذابة مثل "وقف إطلاق النار" و"إعادة الإعمار"، لكنها تُخفي خلف هذه الكلمات التزاماً صريحاً بتفكيك البنية العسكرية للمقاومة الفلسطينية. بمعنى آخر، تتعامل الخطة مع غزة باعتبارها ملفاً أمنياً لا قضية سياسية، وتضع الفلسطيني أمام خيار وحيد: إلقاء السلاح مقابل الوعود.

المكاسب الإسرائيلية المضمونة

  • الإفراج عن الأسرى دون مقابل متكافئ.
  • تحييد المقاومة عبر نزع سلاحها أو دمجها في معادلات أمنية مرعية إسرائيلياً.
  • استمرار السيطرة غير المباشرة على غزة من خلال اشتراطات إعادة الإعمار والرقابة الدولية.

هكذا تتحول "الهدنة" إلى أداة لإضفاء الشرعية على ما حققته إسرائيل ميدانياً، وتحويل أي تفاوض لاحق إلى مجرد نقاش حول التفاصيل.

الخسارة الفلسطينية المحتملة

قبول هذه الخطة يعني انتهاء المشروع السياسي والعسكري للمقاومة، وتحوّل القضية الفلسطينية إلى مجرد ملف إنساني تحت رعاية المانحين. أي أن الفلسطيني سيُعطى خبزاً ودواءً، لكن دون حق تقرير المصير أو تحرير الأرض.

الموقف الدولي: بين التواطؤ والحرج

  • الولايات المتحدة تقدم نفسها كوسيط، لكنها في الواقع تدير الأزمة بمنطق الحليف المطلق لإسرائيل.
  • بعض الدول الأوروبية تحاول إظهار تحفظ، لكنها في العمق لا تملك استراتيجية مستقلة.
  • الأطراف الإقليمية مثل قطر وتركيا تدفع باتجاه تعديل البنود لتصبح أقل انحيازاً، لكنها تصطدم بفيتو أمريكي إسرائيلي.

الخلاصة

الخطة الأمريكية ليست مبادرة سلام، بل إطار استسلام مُقنّع يهدف إلى تثبيت وقائع الاحتلال بصياغة جديدة. هي جزء من لعبة إدارة الصراع لا حله، ومن يوافق عليها إنما يسلّم بأن غزة تُدار أمنياً وفق المقاسات الإسرائيلية، بينما تُغطى المأساة الإنسانية ببعض المساعدات والوعود.

السؤال الأهم: هل تقبل القوى الفلسطينية والعربية بهذا الإملاء السياسي، أم تُدرك أن الهدنة المشروطة ليست سوى مرحلة جديدة من التحكم الخارجي في القرار الفلسطيني؟

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.