بين ترامب وماسك: لماذا تُفتعل الصراعات السياسية؟

بين المسرح الإعلامي وآليات تفريغ الغضب 

في زمنٍ يُباع فيه الرأي كما تُباع السلع، لم تعد الصراعات السياسية تُدار كما كانت، بل صارت تُفتعل، تُصاغ، وتُروَّج كجزء من مسرح ضخم، هدفه ليس الحقيقة بل التحكم في الانتباه. 

تبدو الصراعات بين شخصيات مثل دونالد ترامب وإيلون ماسك وكأنها خلافات حقيقية بين رجال ذوي مبادئ متضاربة. لكن، حين نغوص أعمق، ندرك أن هذه “الخلافات” ليست سوى فصول مدروسة في سيناريو إعلامي، يُكتب بعناية داخل مطابخ السلطة. 

فما الغرض من كل هذا؟ ولماذا تُفتعل مثل هذه الصراعات الآن؟ ومن المستفيد؟ 

دعونا نحلل. 

صراعات تُصنع في استوديوهات السياسة

الصراع بين ترامب وماسك، أو بين أي شخصيتين “كاريزمية” في الساحة الأمريكية، ليس مجرد خلاف شخصي، بل هو: 
أداة لجذب الانتباه الجماهيري، 
وسيلة لتقسيم الجمهور أفقيًا (فريق ترامب / فريق ماسك)، 
وسلاح إعلامي لتأجيل التفكير في القضايا الكبرى. 

كلما اقتربت الشعوب من طرح الأسئلة الحقيقية: 

من يحكم؟ لماذا تُنهب الثروات؟ من يصنع القرار؟ 

تُرمى في وجوهها أزمة مفتعلة بين رمزين ظاهريين، يتبادلان الشتائم في العلن بينما لا يُمسّ جوهر النظام.

من يُشعل النيران؟ ولماذا الآن؟ 

الأنظمة الحديثة، بخاصة في الغرب، لم تعد تستعمل القمع كوسيلة أولى، بل: 

إغراق الجمهور في دوامة من “الضجيج الإعلامي” الذي يبدو مهمًا… لكنه فارغ. 

فعندما: 

تتصاعد الاحتجاجات ضد سياسات أمريكا الخارجية، 
تنهار ثقة الناس بالإعلام، 
يتزايد السخط من الفساد واحتكار السلطة، 

تُفتعل معارك إعلامية جذابة: رجل الأعمال الجريء ضد السياسي المتمرد، العبقري التكنولوجي ضد الدولة العميقة… وهكذا. 

الغرض ليس فضح النظام، بل امتصاص غضب الناس من النظام، عبر رموز بديلة تبقيهم داخل نفس القفص. 

لعبة الانتباه: من يتحكم بالرأي العام؟ 

الصراعات المصنوعة ليست فقط لتسويق الرموز، بل لإعادة تشكيل وعي الجماهير. فالناس لا تتابع البرامج السياسية، لكنها تتابع: 

من حذف من منصة X؟ 
من رد على تغريدة من؟ 
من فضح من أمام الملايين؟ 

وهكذا تتحول السياسة من بحث في المصلحة العامة إلى مباراة ملاكمة ذهنية، يُشجّع فيها الجمهور هذا أو ذاك، وينسى أن كلا المتصارعين جزء من نفس المسرح. 

من المستفيد الحقيقي؟ 

الإعلام الربحي، الذي يقتات على الجدل والانقسام. 
السلطة العميقة، التي تُعيد ضبط المشهد دون أن تُكشف. 
مراكز القرار، التي تُجري تجارب اجتماعية علنية: هل يقود ماسك موجة التمرد القادم؟ هل يصمد ترامب؟ هل يُعاد تدويرهما لاحقًا؟ 

وظيفة “الصراع المصنوع”: تفريغ لا تغيير 

في النهاية، هذه الصراعات لا تغيّر شيئًا. بل: 

تُفرّغ الغضب الشعبي في مسارات ترفيهية – استعراضية، دون أن تفتح بابًا حقيقيًا للتغيير أو المحاسبة. 

والمصيبة أن الجمهور، وهو يظن نفسه “منتبهًا”، يكون في الحقيقة غارقًا في أكثر أدوات التنويم نجاعة: 

دراما سياسية محسوبة، تستعمل كل أدوات الإعلام الحديث، وتُخدّر العقول بمصطلحات مثل: حرية، تمرد، إنقاذ، مصلحة الوطن… بينما تُدار السلطة كما هي، خلف الستار. 

الخلاصة 

حين ترى خلافًا بين ملياردير ورئيس، لا تسأل: من الصادق؟ 
بل اسأل: 
من كتب النص؟ من يحكم المسرح؟ ولماذا نحن في المدرجات؟ 

كلمات مفتاحية: الإعلام والتضليل، المسرح السياسي، ترامب، إيلون ماسك، الصراع المصنوع، الرأي العام، التلاعب الجماهيري، رموز التمرد، تفريغ الغضب، الوعي الزائف 

وصف الصورة المقترحة: صورة رمزية لخشبة مسرح ضخمة، يقف عليها ترامب وماسك يتشاجران، بينما في خلفية المسرح يظهر ظلّ خفيّ لرجل كبير الحجم يسحب خيوط الدمى من أعلى. الجمهور جالس يصفّق بانبهار، دون أن يرى الخيوط.
أحدث أقدم
🏠