
منذ ظهرت داعش على أنقاض الفوضى، رفعت شعارات كبرى تهزّ مشاعر المسلمين:
“خلافة على منهاج النبوة”، “عودة الدولة الإسلامية”، “تحكيم الشريعة”، “نصرة المستضعفين”.
لكن ما إن بدأ التطبيق، حتى تحوّل الوعد إلى كابوس دموي لا يفرّق بين عدو وصديق، ولا يعرف من الإسلام سوى اسمه.
فأي خلافة هذه التي تقتل أكثر مما تحيي؟
وتقاتل المقاومة أكثر مما تواجه الاحتلال؟
وتكفر المسلمين قبل أن تواجه الظالمين؟
خلافة أم مذبحة مقدسة؟
داعش لم تُنشئ مستشفى، ولا فتحت مدرسة، ولا رفعت راية التحرير في وجه محتل.
لكنها:
فجّرت المساجد.
قطّعت رؤوس المجاهدين الآخرين.
جلدت الفقراء بتهم بدعية، وخلّدت الطغاة بصمت رهيب.
قاتلت المقاومة العراقية والجيش السوري الحر، ولم تقاتل قوات الاحتلال إلا نادرًا، وعبر عمليات استعراضية تخدم سرديتها الإعلامية.
كل هذا تم تحت لافتة “الخلافة الإسلامية”، وكأن الإسلام قد نُزعت روحه، وبقيت جثته تُستخدم في نشر الموت والفرقة.
الفارق بين المشروع الإسلامي والمشروع الوظيفي
ما فعلته داعش يُظهر بوضوح أنها لم تكن مشروعًا لإحياء الأمة، بل مشروعًا وظيفيًا لتعطيل الصحوة الإسلامية وتشويه أي حراك شعبي.
ففي اللحظة التي كانت فيها الشعوب تبحث عن بدائل مدنية للأنظمة المستبدة، ظهرت داعش كمثال كارثي تقول من خلاله القوى الكبرى:
“هكذا سيكون مصيركم إن فكرتم في استعادة الإسلام كمنظومة حكم”.
وهكذا، تحوّلت الخلافة من حلم تحرري إلى كابوس تخويفي، تُستخدم لتبرير المزيد من الاستبداد، والاحتلال، والتبعية الدولية.
داعش ضد المقاومة: الدور الوظيفي الخفي
حين اشتد زخم الثورة السورية، وبرزت فصائل مقاومة وطنية قوية، ظهرت داعش فجأة واستحوذت على مناطقها، ووجهت بنادقها ضدها:
في العراق، قاتلت المقاومة السنية التي كانت قد بدأت تحرّكًا منظمًا ضد الطائفية.
في سوريا، اغتالت القادة، وفتّتت صفوف الجيش الحر، وفرضت سلطتها بحد السكين.
ولم توجه داعش سلاحها في سوريا إلى قصر الأسد، بل إلى معسكرات الثوار.
لقد كانت داعش سورًا ناريًا لفصل الشعوب عن حريتها، وخط دفاع أول عن أنظمة القمع عبر افتعال الفوضى باسم الدين.
لماذا كل هذا باسم الإسلام؟
لأن الهدف كان قتل الفكرة في مهدها.
حين يُمارس القتل تحت راية “الخلافة”، يُصبح الناس أكثر تقبّلًا للطغيان، وأكثر رفضًا لفكرة المشروع الإسلامي.
وبهذا، تخدم داعش:
الأنظمة القمعية التي تريد إقناع شعوبها بأن “الإسلاميين خطر”.
القوى الغربية التي تريد شيطنة أي تحرك يعيد للإسلام دوره السياسي.
الإعلام الدولي الذي وجد في صور الذبح والجلد مادة مثالية لنزع الشرعية عن قضايا الأمة.
الخلاصة: خلافة بلا روح ولا عدل
الخلافة التي تنشأ على أنقاض الجماجم، وتُبنى على جماجم المجاهدين، وتُنطق بأفواه تكفّر الأمة قبل أعدائها،
ليست خلافة، بل قناع ملوّث لمشروع تدميري.
لقد كان تنظيم داعش عدوًا للإسلام بلباس إسلامي، وعدوًا للمقاومة باسم الجهاد، وعدوًا للحرية باسم الشريعة.
وبينما كانت الأمة تبحث عن خلاص، كانت داعش تقدّم لها جنازتها باسم الخلافة.
كلمات مفتاحية:
داعش، الخلافة الإسلامية، الجهاد، المقاومة، الثورة السورية، العراق، الإسلام السياسي، الفكر التكفيري، الفوضى، المشروع الوظيفي، الحرب على الإسلام، تشويه الخلافة، تفكيك المقاومة، التضليل الإعلامي.
وصف الصورة المقترحة:
راية سوداء مرفوعة على جبل من الجماجم، وفي الخلفية مسجد مدمر، ومقاتل ملثم يلوّح بسيف وهو يقتل ظلًّا لصاحب راية “الحرية”، فيما الأفق يظهر فيه قصر طاغية بعيد لم يمسه أحد.