اعترافات القَتَلة: هل صنعت أمريكا تنظيم داعش؟

حين يقول محللون أو معارضون إن تنظيم داعش كان أداة أمريكية، يُتهمون بنظريات المؤامرة. 

لكن ماذا نقول حين تأتي الاعترافات من داخل النظام الأمريكي نفسه؟ 

حين يُصرّح قادة عسكريون، وساسة بارزون، ومسؤولون سابقون بأن ظهور داعش لم يكن مفاجئًا بل متعمّدًا، بل جزء من مشروع إعادة هندسة الشرق الأوسط؟ 

فهل كانت داعش أداةً مؤقتة لخدمة أهداف أمريكية؟ 

وهل “الوحش” خرج فعلًا عن سيطرة من صنعه؟ 

أم أن خروجه كان هو المطلوب؟ 

اعترافات لا تُنسى… بل لا تُغتفر 

الجنرال مايكل فلين، الرئيس السابق للاستخبارات الدفاعية الأمريكية (DIA)، صرّح في مقابلة شهيرة عام 2015 بأن بلاده كانت تعلم مبكرًا بنشوء كيان متطرف في شرق سوريا، وأن تلك الوثائق الاستخباراتية كانت واضحة جدًا في التحذير من ظهور تنظيم إرهابي هناك. 

والأخطر أن فلين أقرّ بأن الإدارة الأمريكية لم تتدخل لمنع ذلك، بل كانت تراهن عليه ليكون ورقة ضغط على النظام السوري، وقوة موازِنة للنفوذ الإيراني. 

أي أن الولادة كانت مرصودة، والأمريكيون وقفوا منها موقف “القابلة التي تفتح الطريق لوحش سيُطلب لاحقًا من الجميع أن يقتلوه”. 

هل كانت داعش خطة بديلة بعد فشل الربيع العربي؟ 

مع فشل رهانات الغرب على احتواء الثورات العربية من خلال الديمقراطية الشكلية، اتجهت السياسة الأمريكية إلى مسار بديل: 

خلق فوضى مدروسة تفرّغ الحراك الشعبي من مضمونه، وتُربك الوعي الجمعي، وتُشيطن البدائل الإسلامية. 

وكان الحل المثالي: تنظيم فوضوي مفرط في العنف، يدّعي تمثيل الإسلام، لكنه يقتل أهله، ويشغل الجميع عن العدو الحقيقي. 
  • بدلًا من تركيز الأنظار على احتلال العراق، أصبحت داعش هي “العدو الأول”. 
  • بدلًا من دعم الثورة السورية، تم تصنيف مناطقها كمناطق متطرفة يجب محاربتها. 
  • بدلًا من الحديث عن إسقاط الطغاة، أصبح الحديث كله عن “محاربة الإرهاب”. 
الجيش الأمريكي وحسابات الانسحاب 
في الوقت الذي أعلنت فيه أمريكا سحب قواتها من العراق، كانت تعلم أن الانسحاب سيترك فراغًا. 
فهل سمحت عمدًا بظهور داعش لتبرير العودة لاحقًا؟ 
وهل خُلقت داعش لتكون السبب الذي يُبقي واشنطن حاضرة عسكريًا في المنطقة؟ 

الوقائع تُشير إلى ذلك: 
  • انسحاب أمريكا أعقبه فراغ أمني في مناطق السنة. 
  • وظهور داعش وفّر مبررًا لـ”العودة المنقذة”. 
  • والأهم: فوضى داعش شرعنت لاحقًا وجود الميليشيات الطائفية المرتبطة بإيران، فصار الصراع “إرهابيين سنّة مقابل حماة شيعة”، بدل أن يكون شعبًا ضد احتلالين. 

بين الصناعة والتغذية 
هل أمريكا صنعت داعش حرفيًا؟ 
ربما لا. 

لكنها خلقت البيئة، وسهّلت الحركة، وسوّقت الخطاب، وغضّت الطرف عن التمويل، واستخدمته كفزّاعة. 

الخطورة لا تكمن فقط في دعمٍ مباشر، بل في القرار السياسي بعدم منع الوحش وهو يكبر، لأنه مفيد مؤقتًا. 


الخلاصة: من الذي استخدم من؟ 
صحيح أن داعش كتنظيم يحمل بذورًا فكرية منحرفة سابقة على أي دعم خارجي، 

لكن أيضًا صحيح أن صعوده لم يكن صدفة، ولا بريئًا. 
لقد استخدمت أمريكا التنظيم لأداء أدوار محددة: 

  • تعطيل الثورة السورية. 
  • تقويض المقاومة في العراق. 
  • تشويه صورة الإسلام عالميًا. 
  • تبرير العودة العسكرية للمنطقة. 
  • وإعادة صياغة خرائط النفوذ الطائفي في الشرق الأوسط. 
إنها قصة التحالف مع الشيطان ثم التظاهر بقتاله. 
قصة الرهان على الوحش ثم الرعب منه. 
قصة “داعش” كأداة، وليست كغاية. 

 
كلمات مفتاحية: 
داعش، أمريكا، الجنرال مايكل فلين، الاعترافات الأمريكية، الفوضى الخلاقة، الثورة السورية، المقاومة العراقية، التنظيمات الإرهابية، دعم الإرهاب، الهندسة الجيوسياسية، تدخل أمريكا في الشرق الأوسط، انسحاب العراق، تبرير الفوضى. 

وصف الصورة المقترحة: 
مشهد مسرحي رمزي يُظهر مسؤولًا أمريكيًا يُحرّك دمية سوداء تحمل راية داعش بخيوط خفية، فيما تتساقط حولها خرائط مفككة للمنطقة، وتبدو الشعوب في الخلفية مربوطة ومكمّمة، تراقب المشهد بصمت.
أحدث أقدم
🏠