
دروز الجولان بين التهميش والاحتلال: الهوية المحاصرة
يعيش دروز الجولان بين حصار الاحتلال الإسرائيلي الذي يمنحهم جنسية بلا حقوق حقيقية، وبين تجاهل النظام السوري الذي يستثمر ملفهم سياسيًا دون تقديم حماية فعلية. المواطنة الإسرائيلية في الجولان ليست سوى قناع زائف يخفي واقعًا يوميًا من التهميش والتمييز في فرص العمل والتعليم والخدمات. في هذا التناقض يتجلى الوجه الحقيقي لسياسة الاحتلال التي تستخدم الأقليات كورقة ضغط وليس كحقوق إنسانية.
إسرائيل وتوظيف الأقليات: ذريعة التدخل وفرض الهيمنة
ليست إسرائيل معنية بحماية دروز الجولان بقدر ما تهتم بتحويلهم إلى أداة استراتيجية تضمن بقاء وضعها الاستعماري. عبر خلق أزمات متكررة وتحريك التوترات الاجتماعية في الجنوب السوري، تستغل إسرائيل الضعف السياسي في دمشق لتبرير غاراتها وانتهاكاتها، وترسخ حالة اللااستقرار كوسيلة للحفاظ على التفوق العسكري والهيمنة الإقليمية.
حكومة أحمد الشرع: سلطة السلاح ونفي شرعية الدولة
السلطة التي تم تأسيسها على القوة العسكرية لا يمكن أن تبني شرعيتها إلا عبر إدامة حالة الصراع. أحمد الشرع، الذي جاء عبر تحالف مسلح وليس بانتخابات حرة، يواجه تركة ثقيلة من الانقسامات الداخلية والخارجية. ومع ذلك، فإن مزيج التحديات التي تواجهه – من تدخلات إسرائيل إلى التوترات الداخلية – يكشف هشاشة هذه السلطة الجديدة التي تعيش تحت رحمة اللعبة الإقليمية.
الصراع الطبقي والطائفي كأدوات تفتيت: لعبة إسرائيل وإعادة إنتاج الدولة السورية
النظام الجديد في دمشق ليس معصومًا من تكرار أخطاء الماضي. إذ يستخدم التحالفات الطائفية والعرقية لتقوية سلطته، بينما تسمح إسرائيل بتغذية الانقسامات داخل المجتمع السوري. هذا التفتيت ليس سوى وسيلة لمنع إعادة بناء دولة مركزية قوية قادرة على تحدي الهيمنة الخارجية. وتبقى الأقليات، وعلى رأسها دروز الجولان، الحلقة الأضعف التي تُضحى بها في هذا الصراع.
الخلاصة: بين الاحتلال والهيمنة… دروز الجولان ضحايا اللعبة الكبرى
لا يمكن قراءة الوضع في الجولان بمعزل عن السياق الاستعماري الإسرائيلي وسياسات تفكيك الدولة السورية. إن دروز الجولان يعيشون مأساة مزدوجة: تهميش في ظل الاحتلال، واستغلال في صراعات السلطة داخل سوريا. حماية الأقليات ليست هدفًا بحد ذاتها لدى القوى الإقليمية والدولية، بل أداة لإعادة إنتاج الصراعات وتثبيت نفوذ جيوسياسي على حساب حريات وسيادة الشعوب.