النيوليبرالية.. تجديد الرأسمالية بوجه جديد

ظهرت النيوليبرالية في أواخر القرن العشرين كرد فعل على أزمات الرأسمالية التقليدية، بهدف إعادة إطلاق السوق الحر عبر تقليص دور الدولة وتوسيع مجال الخصخصة والتجارة الحرة. هي نظرية اقتصادية وسياسية تسعى إلى تحرير الاقتصاد من القيود، وتفويض أكبر للحياة الاقتصادية لآليات السوق، لكنها أثارت جدلاً واسعًا بسبب نتائجها الاجتماعية والسياسية.
"الحرية الاقتصادية لا تعني بالضرورة الحرية الاجتماعية." – ميلتون فريدمان
النشأة والتطور
تعود جذور النيوليبرالية إلى أفكار اقتصادية وفكرية من الكتّاب مثل فريدريك هايك وميلتون فريدمان، الذين دافعوا عن حرية السوق كسبيل لتحقيق الازدهار. ظهرت النيوليبرالية عمليًا في سياسات دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا خلال ثمانينيات القرن الماضي، تحت قيادة رونالد ريغان ومارجريت تاتشر، حيث شهدت خصخصة واسعة وتخفيضًا كبيرًا في الإنفاق الحكومي.
المبادئ الأساسية
- تقليل دور الدولة: تقليص الدعم الحكومي والرقابة على الأسواق.
- الخصخصة: نقل ملكية المؤسسات العامة إلى القطاع الخاص.
- الانفتاح التجاري: إزالة الحواجز الجمركية وتشجيع التجارة الحرة.
- تحرير سوق العمل: تخفيف قوانين العمل لتسهيل التوظيف والفصل.
الانتقادات والجدل
رغم وعودها بتحقيق النمو الاقتصادي، وُجهت النيوليبرالية بانتقادات حادة:
- تفاقم الفوارق الاجتماعية وزيادة معدلات الفقر والبطالة.
- تدمير الخدمات العامة كالصحّة والتعليم بسبب الخصخصة.
- تزايد نفوذ الشركات الكبرى على السياسة والاقتصاد.
- إضعاف السيادة الوطنية لصالح المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي.
وقائع وأرقام
وفق تقرير البنك الدولي لعام 2022، شهدت دول طبّقت سياسات نيوليبرالية ارتفاعًا في معدلات الفقر المدقع بنسبة تصل إلى 10% خلال العقد الماضي، كما أظهرت تقارير منظمة العمل الدولية تراجعًا في معدلات التوظيف المستقر مع ازدياد العمالة المؤقتة وغير الرسمية بنسبة 25% في الاقتصادات المعتمدة على النيوليبرالية.
الخاتمة
النيوليبرالية هي محاولة لتجديد الرأسمالية عبر تعظيم حرية السوق، لكنها في الوقت ذاته تفتح الباب أمام أزمات اجتماعية وسياسية عميقة. إنها نموذج يختبر باستمرار قدرة المجتمعات على تحقيق التوازن بين حرية الاقتصاد وضرورة العدالة الاجتماعية.