الواقعية السياسية.. فلسفة القوة في العلاقات الدولية

الواقعية السياسية هي مدرسة فكرية في العلاقات الدولية تؤكد أن الدول هي الجهات الفاعلة الأساسية في النظام الدولي، وأن السعي وراء القوة والمصلحة الذاتية هو المحرك الأساسي لسلوكها. ترفض الواقعية المثالية التي ترى أن القوانين الدولية والقيم الأخلاقية يمكن أن تحكم العلاقات بين الدول، وترى أن الصراع والتنافس هما الأصل في العلاقات الدولية.
"السياسة هي فن الممكن، وليست فن المثالية." – أوتو فون بسمارك
النشأة والتطور
تأسست الواقعية السياسية على أعمال مفكرين مثل ثيوفيلوس هوبز الذي وصف الطبيعة البشرية بأنها "حرب الجميع ضد الجميع"، وهانز مورغنتاو الذي أكد أن السياسة تعتمد على المصلحة والقوة وليس الأخلاق. تطورت هذه المدرسة خلال الحرب الباردة كرد فعل على التفاؤل المثالي بشأن التعاون الدولي.
المبادئ الأساسية
- الدول هي الفاعل الأساسي: النظام الدولي لا مركز له والدول تتصرف وفق مصلحتها.
- السعي وراء القوة: الأمن والبقاء يتطلبان تحقيق القوة العسكرية والسياسية.
- الأناركية الدولية: غياب سلطة مركزية يجبر الدول على الاعتماد على نفسها.
- البراغماتية: السياسة هي فن الممكن وليست الأخلاق.
الانتقادات والجدل
تواجه الواقعية السياسية نقدًا بسبب:
- التشاؤم المفرط: تجاهلها للقيم والأخلاق في السياسة.
- تبرير الصراعات: باعتبارها جزءًا طبيعيًا من النظام الدولي.
- التقليل من دور المنظمات الدولية: وتهميش التعاون الدولي.
وقائع وأرقام
بين عامي 1945 و2020، شهد العالم أكثر من 250 نزاعًا مسلحًا دوليًا أو داخليًا، ما يعكس استمرار المنافسة والتوترات الدولية رغم وجود مؤسسات عالمية تهدف إلى السلام. كما تظهر بيانات معهد ستوكهولم لأبحاث السلام أن الإنفاق العسكري العالمي تجاوز 2 تريليون دولار في 2023، مؤكدًا أهمية القوة في السياسة الدولية.
الخاتمة
الواقعية السياسية توفر إطارًا لفهم الصراعات الدولية والسباق نحو القوة، لكنها في الوقت نفسه تضعف من فرص بناء نظام عالمي قائم على القانون والعدالة، مما يجعلها مدرسة تحذيرية لما يمكن أن تكون عليه السياسة الدولية في غياب قيم مشتركة.