
وهم السلام يتصدع
منذ سنوات، سعى دعاة التطبيع لتسويق فكرة أن الانفتاح على إسرائيل سيقود إلى الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي. لكن تصريح نتنياهو نسف هذه الرواية من جذورها، فالمشروع التوسّعي الذي يتحدث عنه لا يعترف بالحدود ولا بالاتفاقيات، بل يتعامل مع "السلام" كأداة مرحلية لتمهيد الأرضية أمام التمدد الجغرافي والسياسي.
المطبّعون بين الحرج والإنكار
مواقف المطبّعين اليوم تتراوح بين الصمت المطبق ومحاولات التبرير، إذ يجدون أنفسهم أمام جمهور داخلي يتساءل: كيف يمكن الوثوق بشريك يعلن نيته التعدي على السيادة الوطنية؟ البعض يحاول التقليل من أهمية التصريح واعتباره مجرد دعاية انتخابية، لكن تاريخ المشروع الصهيوني يثبت أن هذه التصريحات غالبًا ما تتحول إلى خطط عملية على الأرض.
التطبيع كخدمة مجانية للمشروع التوسعي
التطبيع لم يكن مجرد اتفاق سياسي أو تبادل تجاري، بل كان فتحًا للبوابة الإعلامية والثقافية أمام الرواية الإسرائيلية، ما ساعد في تليين الوعي العربي وتخفيف حساسية الشعوب تجاه الاحتلال. ومع تصريح نتنياهو الأخير، يتضح أن هذا المسار لم يخدم سوى تعزيز موقف إسرائيل في فرض أمر واقع إقليمي يهدد الدول المطبّعة نفسها قبل غيرها.
سقوط الخطاب المزدوج
دعاة التطبيع طالما استخدموا خطابًا مزدوجًا: في الداخل يتحدثون عن "مصلحة الوطن"، وفي الخارج يقدمون التنازلات كـ"خطوة شجاعة للسلام". لكن إعلان نتنياهو عن مشروعه لضم أراضٍ من دول عربية أطاح بهذا الخطاب، وأظهر أن المصلحة الحقيقية التي خدموها كانت مصلحة الاحتلال لا أوطانهم.
الخلاصة
تصريح نتنياهو هو لحظة كشف سياسي وأخلاقي، يضع المطبّعين أمام مسؤولية تاريخية: إما الاعتراف بفشل خيارهم، أو الاستمرار في تبرير شريك يعلن جهارًا أنه يطمع في أرضهم. وفي الحالتين، الشعوب لن تنسى أن هؤلاء ساهموا في تمهيد الطريق لمشروع يهدد أمنهم ووجودهم.