نتنياهو المبعوث الإلهي: صناعة الحرب والوعي الزائف في الشرق الأوسط

تصريح بنيامين نتنياهو الأخير، الذي يصف نفسه بـ"المبعوث الإلهي"، ليس مجرد تفوه سياسي عابر، بل هو جزء من استراتيجية متكاملة لصناعة خطاب رسمي وإعلامي يبرّر التوسع الإسرائيلي على حساب العالم العربي. هذا الخطاب، الذي تم عرضه أمام جمهور داخلي وخارجي، يكشف عن قدرة إسرائيل على استخدام الدعاية الإعلامية لتشكيل واقع سياسي موازٍ، قائم على الخوف والتهديد، بدلًا من الحوار والتفاوض.

الإعلام كأداة استراتيجياً

الخطاب الإعلامي الإسرائيلي يستغل الرمزية الدينية والتاريخية لصناعة شرعية مضاعفة: داخليًا لإقناع الجمهور بأن التوسّع "مقدّس"، وخارجيًا لترهيب العرب وحلفاءهم. هذه الإستراتيجية لا تقتصر على الإعلام التقليدي، بل تشمل وسائل التواصل الاجتماعي، التحليل السياسي المدعوم بصور وأرقام، وتصوير إسرائيل كـ"دولة مُتقدمة تحمي نفسها"، بينما يُصوّر العرب كـ"أطراف متخلّفة أو عاجزة عن الرد".

صناعة الوعي الزائف والتضليل الإقليمي

تصريحات نتنياهو تكشف عن آلية صناعة وعي زائف: تكرار مفاهيم مثل "إسرائيل الكبرى" و"المبعوث الإلهي" يحوّل الخطر السياسي إلى تهديد وجودي، ويخلق شعورًا بالعجز لدى الجمهور العربي. هذه العملية ليست عفوية، بل جزء من خطة طويلة الأمد لإعادة تشكيل السردية التاريخية والجغرافية في المنطقة، بما يخدم المشروع الإسرائيلي التوسّعي.

الأبعاد الإقليمية: الأردن وفلسطين في مرمى الاستهداف

الأردن وفلسطين يشكّلان نقطة حساسة في هذا الخطاب. الأردن يُحشر بين ضغوط داخلية وخارجية، بينما فلسطين تصبح المسرح الرمزي لتأكيد القدرة الإسرائيلية على التحكم في الأرض والهوية. التصريح الأخير يضع حدودًا واضحة أمام أي مبادرة عربية للتسوية، ويعيد إنتاج دائرة الصراع المفتوح عبر خطاب يبرّر القوة ويهمّش التفاوض.

حلفاء إسرائيل تحت الضغط

الخطاب الإسرائيلي لا يترك مجالًا للتحالفات التقليدية دون اختبار؛ فحلفاء إسرائيل في الولايات المتحدة وأوروبا يجدون أنفسهم أمام تضارب بين مصالحهم الاستراتيجية والضغط الشعبي أو الأخلاقي. تصريح علني كهذا يزيد من الضغط على هؤلاء الحلفاء ويضعهم أمام معضلة واضحة: دعم سياسة توسعية صريحة، أو مواجهة ردود فعل داخلية وخارجية قوية.

خلاصة التحليل

نتنياهو لم يعلن فقط عن سياسة، بل عن مشروع لإعادة صياغة المنطقة إعلاميًا وسياسيًا. هذا الخطاب، المدعوم بالإعلام والدعاية الذكية، يخلق وعيًا زائفًا عن الصراع، ويعيد إنتاج الهشاشة العربية أمام السياسة الإسرائيلية المتشددة. فهم هذه الديناميكية ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة لمعرفة حدود الرد العربي وإعادة تقييم استراتيجيات المقاومة على مستوى المنطقة بأكملها.

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.