
منذ اندلاع الحرب الأخيرة على قطاع غزة، تكررت محاولات الوسطاء الدوليين لوقف إطلاق النار، حيث قدمت مقترحات متعددة قوبلت بقبول من حركة حماس، لكنها في غالب الأحيان قوبلت بالرفض من الجانب الإسرائيلي، مما أدى إلى استمرار دائرة العنف والتصعيد.
المقترحات الدبلوماسية: بين القبول الفلسطيني والرفض الإسرائيلي
في 18 أغسطس 2025، وافقت حركة حماس على مقترح من الوسطاء يشمل وقفًا لإطلاق النار لمدة 60 يومًا وتبادلًا للأسرى. المقترح لاقى ترحيبًا من الفصائل الفلسطينية الأخرى، بما في ذلك الجهاد الإسلامي، واعتبرته خطوة نحو تهدئة الوضع الإنساني في القطاع. ومع ذلك، لم ترد إسرائيل على هذا المقترح، مما أثار تساؤلات حول نواياها الحقيقية.
في المقابل، قدمت إسرائيل شروطًا تعجيزية تشمل نزع سلاح حماس، إبعاد قادتها، وتسليم الرهائن، بالإضافة إلى احتفاظها بسيطرة أمنية على أجزاء من غزة. هذه الشروط قوبلت برفض من حماس، التي تمسكت بحقها في المقاومة ورفضت أي تسوية لا تضمن حقوق الشعب الفلسطيني.
الدور الأمريكي: دعم للتهدئة أم تعزيز للهيمنة؟
الولايات المتحدة، التي لعبت دورًا في الوساطة، أيدت بعض المقترحات التي قدمها الوسطاء، لكنها في الوقت نفسه دعمت مواقف إسرائيل المتشددة. هذا التناقض بين دعم التهدئة من جهة، ودعم مواقف إسرائيل من جهة أخرى، يثير تساؤلات حول مدى جدية واشنطن في تحقيق سلام عادل.
على سبيل المثال، في يناير 2025، تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار بوساطة أمريكية، إلا أن هذا الاتفاق لم يصمد طويلاً بسبب استمرار التصعيد الإسرائيلي وغياب الضغوط الجادة على تل أبيب.
الموقف الإسرائيلي: استمرار الحرب كخيار استراتيجي
رغم الضغوط الدولية، أصر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب، معتبرًا أن القضاء على حماس هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن لإسرائيل. هذا الموقف لاقى انتقادات من داخل إسرائيل، حيث طالب أكثر من 550 من القادة الأمنيين والدبلوماسيين السابقين بوقف الحرب فورًا، محذرين من تداعياتها السلبية على الأمن القومي الإسرائيلي.
الخلاصة:
تظهر الأحداث الأخيرة أن محاولات وقف الحرب على غزة غالبًا ما تكون صورية، حيث يتم تقديم مقترحات للتهدئة تُقبل من الجانب الفلسطيني وتُرفض من الجانب الإسرائيلي، مما يؤدي إلى استمرار دائرة العنف. الدور الأمريكي، رغم محاولاته للوساطة، يبدو غير متوازن، حيث يدعم مواقف إسرائيل دون ممارسة ضغوط جادة عليها. في ظل هذه الظروف، يبقى الأمل في تحقيق سلام عادل مرهونًا بتغيير المواقف الدولية والضغط على إسرائيل للقبول بحلول تضمن حقوق الشعب الفلسطيني.