
تصدّع داخل النخبة
إبستين لم يكن مجرد شخص منحرف، بل حلقة وصل بين السياسيين، رجال المال، وأصحاب النفوذ الإعلامي. وحين تتعارض مصالح هذه الأطراف، غالبًا ما يُضحى بالحلقة الأضعف. انكشاف القضية لم يأتِ من ضغط شعبي، بل من صراع داخلي أراد من خلاله طرف ما ابتزاز أو تحجيم طرف آخر.
تحريك الملف في لحظة مناسبة
ظهور حركة #MeToo خلق مناخًا حساسًا ضد فضائح الجنس والتحرش. هذه اللحظة مثّلت فرصة لتفجير ملف إبستين ضمن بيئة إعلامية مشبعة بالعاطفة، ما سمح للنظام بتمرير "فضيحة فردية" دون أن تتحول إلى كشف ممنهج للفساد البنيوي.
صراع الأجهزة والاستخدام الاستخباراتي
العديد من المؤشرات أشارت إلى أن إبستين كان أداة ابتزاز لصالح أجهزة استخباراتية. غير أن تضارب المصالح بين الأجهزة نفسها قد أدى إلى تسريب أجزاء من الملف. وهكذا تحوّلت أوراقه من وسيلة ابتزاز للآخرين إلى وسيلة ضغط داخلية تُستخدم عند الحاجة.
فضح محدود لا انكشاف شامل
المشهد برمته أقرب إلى "تسريب مُدار": السماح بانفجار محدود يخدم إغلاق الملف نهائيًا، بدل المخاطرة بانفجار شامل يهدد النظام. التضحية بإبستين نفسه، وانتهاء القصة بانتحار غامض، كان الوسيلة الأمثل لتجنب وصول العدوى إلى بقية الشبكة.
إنقاذ الصورة الكبرى
بذلك يظهر الغرب أمام شعوبه بمظهر النظام القادر على محاسبة "الفرد المنحرف"، بينما الحقيقة أن ما جرى كان مجرد إدارة أزمة لحماية البنية ذاتها. فالفضيحة لم تُكشَف من أجل العدالة، بل من أجل حماية صورة النظام وإعادة إحكام السيطرة على السردية.
الخلاصة: دروس من ملف إبستين
- الفضح لم يكن صدفة بل نتيجة صراع داخلي بين النخب.
- التوقيت استُخدم سياسيًا وإعلاميًا لامتصاص الغضب الشعبي.
- الأجهزة الاستخباراتية لعبت دورًا في تسريب محسوب للملف.
- التضحية بإبستين كانت لإنقاذ النظام لا لمحاسبته.
- ما انكشف هو الجزء المسموح به، بينما بقي الجوهر مخفيًا.