
خطة ترامب: نص مصمم للرفض وليس للحل
تتألف خطة ترامب الأخيرة من 20 بندًا تهدف ظاهريًا إلى وقف الحرب، لكنها في العمق:
- تحصر السيطرة على غزة بين يد إسرائيل والسلطة الفلسطينية، وتقصي حماس عن أي دور سياسي مؤثر.
- تشمل بنودًا مثل نزع سلاح حماس، وإخلاء غزة من الأسلحة الثقيلة، والإفراج عن رهائن إسرائيليين، مقابل الإفراج عن عدد محدود من الأسرى الفلسطينيين، مع شرط تبني إصلاحات محددة من السلطة الفلسطينية قبل أي مسار سياسي مستقبلي.
- تقدم ضمانات لإسرائيل بعدم مهاجمة دول معينة مثل قطر، وتؤجل إقامة دولة فلسطينية فعلية، مما يجعلها خطة موجهة لضمان مصالح إسرائيل وليس حقوق الفلسطينيين.
من هذا المنطلق، من الواضح أن الخطة ليست مبادرة حقيقية لإنهاء الصراع، بل محاولة أمريكية لتثبيت النفوذ الإسرائيلي وإضعاف المقاومة في غزة، مع إعطاء مظهر قانوني ودبلوماسي لما يُعرف بـ "حل مؤقت".
القادة العرب وموقفهم: صفة غامضة وغير شرعية تجاه غزة
إحدى أكثر الأسئلة إلحاحًا هي: ما علاقة القادة العرب بغزة؟ وبأي صفة وافقوا على خطة ترامب؟
- غزة تحت إدارة حماس منذ 2007، والسلطة الفلسطينية في رام الله لها دور رمزي فقط، دون سيطرة فعلية على الأرض.
- أي موافقة أو موقف من القادة العرب يتم بصفتهم حكومات دولية لها مصالحها الاستراتيجية، وليس بصفة تمثيلية للشعب الفلسطيني في غزة.
- بالتالي، تصريحاتهم أو تأييدهم للخطة ليست موافقة على حكم غزة أو على حقوق الفلسطينيين هناك، بل موقف سياسي يوازن بين مصالحهم مع إسرائيل والولايات المتحدة وبين المظهر الخارجي لدعم الفلسطينيين.
هذا يعني عمليًا أن القادة العرب لا يملكون أي سلطة شرعية على غزة، وموافقتهم على أي خطة، حتى لو صاغها ترامب لصالح إسرائيل، لا تعطيهم أي حق قانوني أو سياسي تجاه الفلسطينيين.
التدخل العربي: مصالح استراتيجية أم تضامن مزيف؟
إذا نظرنا إلى الأسباب التي تجعل بعض القادة العرب يتدخلون للموافقة على خطة ترامب، نجدها أسبابًا استراتيجية بحتة:
ازدواجية الموقف: دعم إسرائيل وتخاذل غزة
المفارقة الكبرى تكمن في أن القادة العرب يدعمون إسرائيل بشكل مستمر بينما يتخاذلون تجاه غزة:
- غزة تواجه احتلالًا مباشرًا وحصارًا مستمرًا، لكن معظم الدول العربية تكتفي بالإغاثة المحدودة والإدانة الرمزية.
- أي خطة أمريكية أو إسرائيلية، حتى لو كانت ضد مصالح الفلسطينيين، تحظى بتغطية عربية، لأنها تضمن استمرار التحالفات الاستراتيجية مع القوى الكبرى.
- هذا الموقف يُظهر ازدواجية واضحة: التعاون مع إسرائيل وإدارة الصراع بدلًا من مواجهته، مما يضع القادة العرب في موقع متخاذل تجاه حقوق الفلسطينيين في غزة.
الإشكالية الأخلاقية والسياسية
الأمر هنا ليس مجرد موقف سياسي أو دبلوماسي، بل إشكالية أخلاقية:
- عندما توافق دول عربية على خطة تخدم الاحتلال وتضع شروطًا مشروطة للحقوق الفلسطينية، فهي تشترك في فرض الهيمنة الإسرائيلية على غزة.
- أي تدخل عربي لا يمثل الشعب الفلسطيني الفعلي، ويغيب عنه عنصر الشرعية والتمثيل المباشر.
- من منظور فلسطيني، هذه المواقف تشبه الشراكة الضمنية مع الاحتلال أو على الأقل تخاذلًا مستمرًا تجاه محنة غزة.
الخلاصة
- خطة ترامب مصممة لتثبيت مصالح إسرائيل وإضعاف المقاومة الفلسطينية، وليست خطة حقيقية لحل النزاع.
- القادة العرب وافقوا على الخطة بصفتهم حكومات دولية تحافظ على مصالحها الاستراتيجية، وليس كممثلين عن غزة أو الشعب الفلسطيني.
- تدخلهم السياسي هو ازدواجية مستمرة: دعم رمزي للفلسطينيين مقابل حماية المصالح مع إسرائيل وأمريكا، وهو موقف يفضح التخاذل التاريخي تجاه غزة.
- أي موقف عربي في هذا السياق يجب أن يُفهم على أنه موقف منسجم مع السياسات الاستراتيجية للولايات المتحدة وإسرائيل، وليس دعمًا حقيقيًا للحقوق الفلسطينية.
في النهاية، يبقى الشعب الفلسطيني في غزة ضحية مزدوجة: الاحتلال الإسرائيلي المباشر، ومواقف القادة العرب المتخاذلة التي تكتفي بالظهور الإعلامي والدعم الرمزي، بينما القرار الفعلي والحقوق المشروعة تُدار من قبل الآخرين.