الكوارث العربية الكبرى: مصر: مجزرة رابعة.. عندما أُطلق الرصاص على الصمت

في صيف 2013، وقعت واحدة من أكثر اللحظات مأساوية في تاريخ مصر الحديث، حين تحولت ساحات الاعتصام السلمية إلى مسرح دموي لمجزرة مروعة.
مجزرة رابعة ليست مجرد حادثة عنف، بل انعكاس حاد لصراع سياسي عميق بين السلطة والشعب، وأبرزت أوجه القمع والوحشية التي يمكن أن تصل إليها الأنظمة.
كيف ولماذا تحولت التظاهرات المطالبة بالشرعية إلى مذابح؟
ومن دفع ثمن هذه الدماء؟
وهل انتهى الصمت، أم استمر القمع باسم الأمن والاستقرار؟

ما الذي حدث؟

في 14 أغسطس 2013، اقتحمت قوات الأمن المصرية، مدعومة بالجيش والشرطة، اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في القاهرة، اللذين كانا يضمّان آلاف المحتجين المناهضين لعزل الرئيس محمد مرسي.
استخدمت القوات الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، مما أدى إلى مقتل مئات المحتجين، في واحدة من أكبر المجازر التي شهدها العالم الحديث ضد متظاهرين سلميين.
الغضب امتد داخلياً وعالمياً، لكن السلطات المصرية دافعت عن العملية باعتبارها “ضرورة للحفاظ على الأمن”.

هل كانت المجزرة مفتعلة؟ ومن المستفيد؟

مجزرة رابعة كانت ذروة خطة لقمع كل شكل من أشكال المعارضة السياسية بعد الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب.
السلطة الجديدة رأت في الاعتصامات تهديدًا وجوديًا لمشروعها السياسي، ولذلك قررت إنهاء الحراك بالقوة المفرطة.
المستفيدون هم السلطة التي أعادت فرض قبضتها، والأجهزة الأمنية التي استغلت الحدث لترهيب المجتمع، في حين عانى المواطنون، خاصة المنتمون للإخوان المسلمين، من حملات اعتقال وتعذيب واسعة.

خلفيات الحدث: انقلاب وانقسام سياسي

في يوليو 2013، أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي بعد احتجاجات شعبية واسعة.
رغم أن مرسي كان مثار جدل، فإن الانقلاب مثّل نقطة تحوّل درامية في المشهد السياسي المصري، حيث بدأت حملة قمع ممنهجة ضد الإخوان وأي معارضة.
اعتصامات رابعة العدوية كانت تعبيرًا عن رفض الانقلاب، وطلبًا لعودة الشرعية، لكنها صُورت إعلامياً على أنها “مخازن للإرهاب”.

ماكينة القمع: الجيش والأمن ضد الحراك

الجيش والشرطة استخدما قوة غير متناسبة، مع تحركات ممنهجة لضرب الاعتصامات ومراكز المعارضة.
رافق ذلك حملات إعلامية ضخمة للتشويه وتبرير القمع، إضافة إلى حظر شامل لوسائل الإعلام المستقلة.
الشعب المصري وجد نفسه في مواجهة وحشية بين مناصري الشرعية ويد السلطة الجديدة.

الأطراف المتورطة: السلطة وأجهزتها

القوات المسلحة والشرطة المصرية كانت الأطراف المباشرة في تنفيذ المجازر.
دعم سياسي من بعض القوى الإقليمية والدولية عزز من ثقة السلطة في تبرير أعمالها، رغم إدانات حقوقية واسعة.
المجتمع الدولي بدا مقسومًا، فبعض الحكومات اختارت السلامة الاستراتيجية على حساب الدفاع عن حقوق الإنسان.

الحصيلة: مئات القتلى وأزمة حقوقية مستمرة

مجزرة رابعة خلفت مئات القتلى وآلاف المعتقلين، مع سجل واسع لانتهاكات حقوق الإنسان.
الفضائح المتعلقة بالتعذيب والاختفاء القسري زادت من أزمة الثقة بين السلطة والمجتمع.
المجتمع المدني والحقوقي المصري يواجه تحديات كبيرة في ظل استمرار التضييق.

دفن الحقيقة: إغلاق الملفات وغياب العدالة

لم تُفتح تحقيقات حقيقية في المجزرة.
أصدرت المحاكم أحكامًا صارمة على المعارضين، بينما بقي القتلة في مناصبهم دون مساءلة.
التعتيم الإعلامي والقمع المستمر أُجبرا الكثيرين على الصمت، وحوّلوا المأساة إلى جرح مستمر في الذاكرة الوطنية.

خاتمة: رابعة.. رمزية الألم والصراع المستمر

رابعة ليست فقط ذكرى مأساوية، بل أصبحت رمزًا للمقاومة في وجه القهر.
لكن ثمن هذا الصراع كان باهظًا على مصر وشعبها، مع استمرار الأزمة السياسية والحقوقية حتى اليوم.
هل سيأتي يوم تعود فيه العدالة، ويُعترف بألم الضحايا، أم ستظل رابعة صفحة سوداء لا تُقرأ؟

سلسلة: الكوارث العربية الكبرى

+
أحدث أقدم

ويجيد بعد المقال


تنويه: هذا المقال (أو المحتوى) يقدم تحليلاً إعلامياً موضوعياً، ويخلو تماماً من أي تحريض أو دعوة للعنف، ويعكس رؤية نقدية متوازنة للأحداث، مع الالتزام التام بالأطر القانونية والمعايير المهنية.

✉️ 📊 📄 📁 💡